الثالث : أن المعاني الجزئية وإن لم تتناه إلا أن المعاني الكلية متناهية كالألفاظ ، فلا مانع من وضع اللفظ بإزاء معنى كلي يستعمل في أفراده ومصاديقه حسب ما تتعلق الحاجة بها . ومن الواضح أن الأمر كذلك في جميع أسماء الأجناس من الحيوانات وغيرها ، فيضع الواضع لفظا خاصا لواحد منها ثم يطلقه على كل واحد من أفراده من دون أن تكون للأفراد أسام خاصة ، مثلا : لفظ " الهرة " موضوع لطبيعي ذلك الحيوان الخاص ، ثم نستعمله في كل فرد من أفرادها دون أن تكون لأفرادها أسماء خاصة ، وكذا لفظ " الأسد " ونحوه . نعم ، المتمايز أفراده بحسب الاسم من بين الحيوانات الإنسان ، دون غيره . فالنتيجة : أن المعاني الكلية متناهية فلا مانع من وضع اللفظ بإزائها . الرابع : أن المحذور المزبور إنما يلزم لو كان اللفظ موضوعا بإزاء جميع المعاني ، ويكون استعماله في الجميع على نحو الحقيقة ، وأما إذا كان موضوعا بإزاء بعض منها ويكون استعماله في الباقي مجازا فلا يلزم المحذور ، فإن باب المجاز واسع ، فلا مانع من أن يكون لمعنى واحد حقيقي معان متعددة مجازية [1] . فمن جميع ما تقدم يستبين : أن الاشتراك ليس بواجب . ولا يخفى أن ما أفاده ( قدس سره ) من امتناع الاشتراك بوضع اللفظ للمعاني غير المتناهية متين جدا ، لاستلزامه أوضاعا لا تتناهى . وكذا ما أفاده ( قدس سره ) ثانيا : من أنه لو أمكن الوضع إلى غير متناه فلا يقع في الخارج إلا بمقدار متناه ، فإن الوضع إنما يكون بمقدار الحاجة إلى الاستعمال وهو متناه لا محالة ، فالزائد عليه لغو فلا يصدر عن الواضع الحكيم . نعم ، إن ما سلمه ( قدس سره ) من تناهي الألفاظ فهو غير صحيح ، وذلك لأنه يمكن لنا تصوير هيئات وتراكيب متعددة من الألفاظ باعتبار كونها مؤتلفة من الحروف