الهجائية بعضها من بعض إلى عدد غير متناه ، فاللفظ الواحد يختلف باختلاف حركاته ، فلو ضم أوله أو رفع أو كسر فهو في كل حال لفظ مغاير للفظ في حالة أخرى ، وكذا لو رفع آخره أو ضم أو كسر . وإذا أضيف إليه في جميع هذه الأحوال حرف من الحروف الهجائية صار لفظا ومركبا ثانيا غير الأول ، وهكذا . . . ، فتصبح الألفاظ بهذه النسبة غير متناهية ، مثلا : لفظ " بر " إذا ضم أوله أو رفع أو كسر فهو لفظ غير الأول ، ولو أضيف إليه الاختلاف بالتقديم أو التأخير أو حرف من الحروف صار لفظا آخر ، وهكذا . . . وإن شئت فقل : إن مواد الألفاظ وإن كانت مضبوطة ومحدودة من الواحد إلى الثمانية والعشرين حرفا إلا أن الألفاظ المؤتلفة منها والهيئات الحاصلة من ضم بعضها إلى بعضها الآخر تبلغ إلى غير النهاية ، فإن اختلاف الألفاظ وتعددها بالهيئات والتقديم والتأخير والزيادة والنقصان والحركات والسكنات يوجب تعددها واختلافها إلى مقدار غير متناه . وهذا نظير الأعداد فإن موادها وإن كانت آحادا معينة من الواحد إلى العشرة إلا أن تركبها منها يوجب تعددها إلى عدد غير متناه ، مع أنه لم يزد على كل مرتبة من مراتبها إلا عدد واحد ، وتفاوت كل مرتبة من مرتبة أخرى بذلك الواحد ، فإذا أضيف إليها ذلك صارت مرتبة أخرى ، وهكذا تذهب المراتب إلى غير النهاية . فالنتيجة : أن الألفاظ غير متناهية كالمعاني والأعداد . وأما ما أفاده ( قدس سره ) ثالثا : من أن جزئيات المعاني وإن كانت غير متناهية إلا أن كلياتها التي تنطبق عليها متناهية . ففيه : أنه ( قدس سره ) : إن أراد بكليات المعاني المفاهيم العامة : كمفهوم الشئ والممكن والأمر فما أفاده ( قدس سره ) وإن كان صحيحا فإنها منحصرة ومتناهية ، إلا أن جميع الألفاظ لم توضع بإزائها يقينا على نحو الوضع العام والموضوع له