ومن هنا يظهر فساد ما ربما يورد [1] على الشهيد ( قدس سره ) حيث قال : إن الماهيات الجعلية : كالصلاة والصوم وسائر العقود حقيقة في الصحيح ، ومجاز في الفاسد إلا الحج ، لوجوب المضي [2] فيه . مع أنه ( قدس سره ) كغيره يتمسك بإطلاقات المعاملات ، والحال أن الصحيحي لا يمكنه التمسك بها لإجمال الخطاب . ووجه الفساد هو ما عرفت : من أنه لا مانع من التمسك بإطلاقات المعاملات على القول بالصحيح كما عرفت . وعلى الجملة : فالمعاملات المأخوذة في موضوع أدلة الإمضاء - كالبيع ونحوه - معاملات عرفية عقلائية ، ولم يتصرف الشارع فيها أي تصرف لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى ، بل أمضاها بما لها من المفاهيم التي قد استقر عليها الفهم العرفي وتكلم بالألفاظ التي كانت متداولة بينهم في محاورتهم قبل الشريعة الإسلامية ، فحينئذ إن شك في اعتبار أمر زائد على ما يفهمه العرف والعقلاء فنتمسك بإطلاق الأدلة وننفي بذلك اعتباره كما أنه لم يكن معتبرا عند العرف ، إذ لو كان معتبرا للزم على الشارع المقدس بيانه ، وحيث إنه ( صلى الله عليه وآله ) كان في مقام البيان ولم يبين فعلم عدم اعتباره . ومن هنا تفترق المعاملات عن العبادات ، فإن العبادات حيث إنها ماهيات مخترعة عند الشارع بجميع أجزائها وشرائطها فلو كانت موضوعة للصحيحة يمكننا التمسك بإطلاقاتها عند الشك في جزئية شئ أو شرطيته ، لاحتمال دخله في المسمى كما سبق . وهذا بخلاف المعاملات فإنها ماهيات مخترعة عند العرف ، فلو شككنا في اعتبار شئ فيها شرعا فيكون الشك في أمر زائد على ما كان معتبرا عندهم ، وفي مثله لا مانع من التمسك بالإطلاق ولو على القول بكونها موضوعة للصحيحة .
[1] ممن أورد عليه هو الشيخ الأنصاري في المكاسب : ص 80 س 32 . [2] انظر القواعد والفوائد للشهيد الأول : ج 1 ص 158 .