لأنه من لطفه وعنايته إلا أنه أمر آخر ، غير أنه هو الواضع الحكيم . وهذا الذي ذكرناه من دفع الإشكالين المتقدمين لا يفرق فيه بين مسلكنا ومسلك القوم في تفسير العلقة الوضعية ، فإن تدريجية الوضع وعدم اختصاصه بشخص خاص لا تدع مجالا للإشكال المزبور ، غاية الأمر : أنه بناء على مسلكنا كان كل مستعمل واضعا وإن كانت كلمة الواضع عند إطلاقها تنصرف إلى الواضع الأول إلا أنه من جهة الأسبقية ، وهذا بخلاف غيره من المسالك كما لا يخفى . فالمتحصل مما ذكرناه أمران : الأول : أن الله تبارك وتعالى ليس هو الواضع الحكيم . الثاني : أن الواضع لا ينحصر بشخص واحد أو جماعة معينين على جميع المسالك في تفسير حقيقة الوضع . في حقيقة الوضع في حقيقة الوضع وأما الكلام في الجهة الثانية [1] - وهي : تعيين حقيقة الوضع - . فذهب بعض الأعاظم [2] ( قدس سرهم ) إلى أنها من الأمور الواقعية ، لا بمعنى أنها من إحدى المقولات ، ضرورة وضوح عدم كونها من مقولة الجوهر ، لانحصارها في خمسة أقسام : " العقل " " النفس " " الصورة " " المادة " " الجسم " ، وهي ليست من إحداها . وكذا عدم كونها من المقولات التسع العرضية أيضا ، لأنها متقومة بالغير في الخارج ، لاستحالة تحققها في العين بدون موضوع توجد فيه ، فإن وجودها في نفسها عين وجودها لغيرها . وهذا بخلاف حقيقة العلقة الوضعية ، فإنها قائمة بطبيعي اللفظ والمعنى
[1] كذا ، والظاهر أنها هي الجهة الثالثة . [2] المراد به ظاهرا هو المحقق العراقي ، انظر نهاية الأفكار : ج 1 ص 25 - 26 .