ليكون التمييز بذلك الغرض الخارجي . كما أنه قد يمكن الامتياز بالمحمول فيما إذا فرض أن غرض المدون يتعلق بمعرفة ما تعرضه الحركة مثلا ، فله أن يدون علما يبحث فيه عن ما تثبت الحركة له ، سواء أكان ماله الحركة من مقولة الجوهر أم من غيرها من المقولات ، فمثل هذا العلم لا امتياز له إلا بالمحمول . وبما حققناه تبين لك وجه عدم صحة إطلاق كل من القولين ، وأن تميز أي علم عن آخر كما لا ينحصر بالموضوع كذلك لا ينحصر بالغرض ، بل كما يمكن أن يكون بهما يمكن أن يكون بشئ ثالث ، لا هذا ولا ذاك . ثم إن من القريب جدا أن يكون نظر المشهور فيما ذهبوا إليه : من أن تمايز العلوم بالموضوعات إلى تقدم رتبة الموضوع على رتبتي المحمول والغرض ، ولعلهم لأجله قالوا : إن التمايز بها ، وليس مرادهم الانحصار ، وإلا فقد عرفت عدمه . ويتلخص ما ذكرناه في أمور : الأول : أن صحة تدوين أي علم لا تتوقف على وجود موضوع له ، لما بينا من أن حقيقة العلم : عبارة عن ( مجموع القضايا والقواعد المتخالفة التي جمعها الاشتراك في غرض خاص لا يحصل ذلك الغرض إلا بالبحث عنها ) . الثاني : أنه لا منافاة بين ما ذكرناه : من عدم قيام الدليل على لزوم الموضوع في العلوم وبين أن يكون لبعض العلوم موضوع ، وذلك لأن ما ذكرناه إنما هو من جهة عدم قيام البرهان على لزوم الموضوع في كل علم بحيث لا يكون العلم علما بدونه ، ولذا يبحث في أكثر العلوم عن محمولات مسائلها المترتبة على موضوعاتها ، وذلك لا ينافي وجود الموضوع لبعض العلوم ، كما إذا فرض تعلق غرض المدون بمعرفة موضوع ما ، فيدون علما يبحث فيه عن عوارض موضوعه . الثالث : أن تمايز العلوم بعضها عن بعض كما لا ينحصر بالموضوع كذا لا ينحصر بالغرض ، بل كما يمكن أن يكون بهما يمكن أن يكون بالمحمول ، وببيان