الأول : في تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة فقط . الثاني : في تصويره بين الأعم من الصحيحة والفاسدة . أما الكلام في المقام الأول : فقد ذهب المحقق صاحب الكفاية ( قدس سره ) إلى أن وجود الجامع بين الأفراد الصحيحة مما لا بد منه ، وقد استدل على ذلك بقاعدة فلسفية ، وهي : " أن الواحد لا يصدر إلا من الواحد " ، إذ لا بد من السنخية بين العلة ومعلولها ، والواحد بما هو واحد لا يعقل مسانخته للكثير بما هو كثير . إذا لا بد من الالتزام بأن العلة هو الجامع بين الكثير وهو أمر واحد . ثم طبق ( قدس سره ) هذه القاعدة على المقام بتقريب : أن الأفراد الصحيحة من الصلاة - مثلا - تشترك جميعها في أثر وحداني ، وهو : النهي عن الفحشاء والمنكر بمقتضى قوله تعالى : * ( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) * [1] . كما هي تشترك في أنها " عماد الدين " [2] ، و " معراج المؤمن " ، كما في عدة من الروايات [3] . ولا يعقل أن يكون المؤثر في ذلك الأثر الوحداني جميع الأفراد الصحيحة على كثرتها ، لما عرفت من أن الواحد لا يسانخ الكثير ، فلا محالة يستكشف كشفا قطعيا عن وجود جامع وحداني بين تلك الأفراد الصحيحة يكون هو المؤثر في ذلك الأثر الوحداني . ومن هنا قال ( قدس سره ) : إن تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة بمكان من الإمكان ، بل هو ضروري دون الأعم ، لعدم تحقق صغرى هذه القاعدة على قول الأعمي ، وبدونها لا طريق لنا إلى كشف الجامع من ناحية أخرى [4] . ولكن لا يخفى ما فيما أفاده ( قدس سره ) ، بل لم يكن يترقب صدوره عنه ، وذلك
[1] العنكبوت : 45 . [2] وسائل الشيعة : ج 2 ص 373 ب 1 من أبواب الاستحاضة ذيل ح 5 . [3] انظر جامع أحاديث الشيعة : باب فضل الصلاة ج 4 ص 3 - 28 . [4] كفاية الأصول ص 39 .