الجامع فهو مما لا بد منه ، سواء قلنا بأن الموضوع له المرتبة العليا أم قلنا بأنه الجهة الجامعة بين جميع المراتب . ومن هنا يظهر الجواب عن الأمر الثالث أيضا ، وهو : أن الحاجة إلى تصوير الجامع لا تختص بالقصر والإتمام ، بل لا بد من تصويره بين جميع المراتب العالية ، وقد عرفت أنها كثيرة ، ولا تنحصر بالقصر والإتمام . وأما الأمر الرابع : فقد تبين من ضوء بياننا المتقدم : أن ثمرة النزاع بين الأعمي والصحيحي تظهر على هذا أيضا ، والوجه في ذلك : هو أن الأعمى - لا محالة - يدعي وضع اللفظ للجامع بين جميع المراتب العليا صحيحة كانت أو فاسدة ، والصحيحي يدعي وضعه لخصوص الصحيحة منها ، فعلى ذلك إذا فرض وجود مطلق في البين وشك في اعتبار شئ ما جزءا أو شرطا في المأمور به فبناء على الصحيحي لا يجوز التمسك بإطلاقه ، لأن الشك في اعتباره مساوق للشك في صدق المسمى ، ومعه لا يمكن التمسك بالإطلاق . وبناء على الأعمي لا مانع منه ، لأن صدق المسمى محرز بالوجدان ، والشك إنما هو في اعتبار أمر زائد فيدفع بالإطلاق . نعم ، لا يمكن التمسك بالإطلاق بالإضافة إلى بقية المراتب ، لعدم إحراز الإطلاق من جهة عدم العلم بالتنزيل والادعاء كما ذكره ( قدس سره ) ، فلا يمكن التمسك بإطلاق ما دل على وجوب الصلاة لإثبات وجوبها على المضطر أو نحوه ، وذلك من جهة عدم إحراز التنزيل والادعاء بعد فرض أن الموضوع له لا يعم المشكوك فيه ، لأنه خصوص المرتبة العليا . وقد أصبحت النتيجة بوضوح : أن تصوير الجامع على كلا القولين قد أصبح ضروريا ، وعليه فإن أمكن تصويره في مقام الثبوت على كلا القولين فللنزاع في مقام الإثبات مجال ، وإن لم يمكن تصويره إلا على أحد القولين دون الآخر فلا مناص من الالتزام بذلك القول . فعلى ذلك يقع الكلام في مقامين :