مقدمات ذلك الحكم العقلي استقلال العقل بعدم المرجح ، أو احتمال المرجح في كل منهما على السواء وأصالة عدم مرجحية الأعلمية لا يوجب استقلال العقل به وليس حكم العقل بالتخيير من الأحكام المجعولة للمشهور حتى يترتب على حكم المشهور بأصالة عدم المرجح ، وأما حكم الشارع بالتخيير فهو لو ترتب على عدم المرجح فهو من جهة تقرير حكم العقل فهو تابع له والمفروض انتفاء المتبوع . وبالجملة فقد تقرر في محله ان الأصول لا يترتب على مجاريها الا أحكامها الشرعية الثابتة بثبوتها الواقعي لا الأحكام الشرعية التابعة لأحكام واقعية عقلية أو عادية ثابتة بثبوتها الواقعي . وأما الجواب عمّا أورد على المقبولة وأخواتها فبان التأمل فيها وفي القواعد الشرعية يشهد بكون الترجيح لحكم الأعلم منها من جهة ترجيح فتواه وان مورد ترجيح السؤال هو تعارض النصوص لا الحكمين فان المرجحات المذكورة في تلك الروايات . ومنها ما يرجع إلى الترجيح بقوة الاستنباط كالترجيح بالأعلمية . ومنها ما يرجع إلى ترجيح الرواية التي استند إليها أحدهما على ما استند إليه الاخر ومعلوم ان الترجيح بهما انما يوجب الترجيح في الفتوى أولا ثم في الحكم الناشئ عن ذلك الفتوى . وبالجملة فما ذكرنا من أن الترجيح للحكم في تلك الروايات انما هو من جهة رجحان في أصل الفتوى امر ظاهر للمتأمل ولعله لذا ادعى الشهيد الثاني ( قده ) ان المقبولة نصّ في المطلوب وأما ما ذكر في الإيراد أخيرا من أن المرجحات المذكورة في تلك الروايات لا يعمل بها في تعارض الفتواءين إجماعا فهو إشكال مشترك بين جعلها واردة في تعارض الحكمين أو الفتواءين