عن دعوى كون سالك الاحتياط تاركا لقصد القربة اعتباطا ومنبعثا عن قصد اللَّعب لكان كلام ( الدّراسات ) في محلَّه حيث يقال : إنّ تبديل داعي اللَّعب بداع عقلائيّ لا يؤثر شيئا ، فالمهمّ إنّما هو تحقيق القربة . ولكن الإشكال الذي جاء في الكفاية وأجاب عليه لم يكن هو هذا ، وإنّما هو عبارة عن أنّه مع اللَّعب بأمر المولى يستحيل قصد القربة . وهذا الإشكال كما ترى ينتفي بتبديل داعي اللَّعب بداع عقلائيّ . وثالثا : أنّنا لو سلَّمنا لزوم اللَّعب كما هو كذلك في غير فرض ثبوت داع عقلائي لم نسلَّم بكونه لعبا بأمر المولى ، بل هو لعب في نفسه غير مربوط بأمر المولى ، نظير ما لو اشتهى أحد بلا داع عقلائي أن يصلَّي صلاة الظهر على قمّة جبل عال واقع في مكان خاص فذهب إلى هناك وصلَّى متقرّبا إلى اللَّه تعالى . فهذا وإن صدر منه اللَّعب لكنّه لم يكن لعبا بأمر المولى واستهزاء به كي يكون قبيحا عقلا . هذا والمحقّق الخراساني ( رحمه اللَّه ) صاغ جوابه عن الإشكال - غير الجواب الذي مضى عنه - بصياغة أنّ اللَّعب إنّما يضرّ إذا كان لعبا بأمر المولى لا في كيفيّة الطاعة بعد حصول الداعي إليها كما في المقام . أقول : إن كان المقصود باللَّعب في كيفيّة الطاعة ما يكون زائدا على الطاعة ومن مقارنات الطاعة فصحيح أنّ هذا لا يضرّ بالقربة . أمّا إذا كان المقصود بذلك كون تلك الكيفيّة مصداقا للطاعة فهذا لا ينبغي الشكّ كبرويا في أنّه يضرّ بالقربة أمّا الكلام في ذلك صغرويّا فلنوضّح أوّلا إنّه ينبغي أن يكون المقصود بالطاعة في المقام الطاعة العقليّة لا ذات الإتيان بالواجب ، إذ لو كان الواجب في علم اللَّه هو الجمعة مثلا في مورد العلم الإجمالي بوجوب الظهر أو الجمعة ، فمن الواضح أنّ تكرار العمل بمعنى الإتيان بصلاة الظهر منضمّا إلى الجمعة ليس لعبا في كيفيّة الإتيان بالجمعة إذ ليس ضمّ الظهر إلى الجمعة كيفيّة للإتيان بالجمعة