بالحكم مانعا عن الحكم . وأمّا الوجه الثّالث - وهو دعوى وجوب الامتثال التفصيلي عقلا - فتارة يقصد بذلك دعوى اقتضاء نفس التكليف لذلك باعتباره مقتضيا للامتثال ، وأخرى يقصد به دعوى حكم العقل بحق مستقل للمولى غير حق الامتثال : أمّا الأوّل - فيرد عليه : أنّه بعد فرض عدم دخل تفصيليّة الامتثال في خطاب المولى ولا في غرضه ، لا معنى لاقتضاء التكليف لها اقتضاء امتثاليا بحكم العقل . وقد مضى توضيح ذلك في باب الموافقة الالتزاميّة ونقول هنا أيضا : إنّ للتكليف اقتضاءين للامتثال : أحدهما : الاقتضاء الذاتي وهو اقتضاؤه له بمقدار رغبة العبد في نفسه لتحصيل أغراض المولى بغضّ النظر عن حكم العقل العمليّ بوجوب الطاعة . وهذا الاقتضاء ثابت في التماس العبد من المولى أيضا ، فالالتماس له محركيّة ذاتيّة للمولى بقدر ما في نفس المولى من الرغبة في تحصيل أغراض عبده . ومن الواضح أنّ هذا الاقتضاء غير معقول في ما نحن فيه ، إذ المفروض عدم تعلَّق غرض المولى بتفصيليّة الامتثال ، فرغبة العبد لتحصيل أغراض المولى لا أثر لها في المقام . وثانيهما : الاقتضاء العرضي الثابت بحكم العقل الذي هو عبارة عن دركه لوجوب تحصيل غرض المولى الذي يهتم به ، وهذا في الحقيقة متمّم للاقتضاء الذاتي . فالعبد إن لم يكن يمتلك رغبة نفسيّة في تحصيل غرض المولى بمقدار يحرّكه نحو الطاعة فحكم العقل بحسن الطاعة وقبح المعصية يحرّكه نحوها . أمّا إذا فرض أنّ شيئا ما غير دخيل في غرض المولى ، وأنّه خارج عن دائرة الاقتضاء الذاتي للتكليف ، فليس من المعقول اقتضاء التكليف له بحكم العقل .