الواجب مشتملا على قيد لا ينطبق إلَّا على الواجب الواقعي - وإن ترددنا نحن في التطبيق - مثاله : ما لو علمنا بوجوب إكرام العالم بما هو عالم واشتبه عالم بجاهل ، فعلمنا إجمالا بأنّ أحدهما واجب الإكرام بما هو عالم . فالمقدار الثابت في أفق العلم الإجمالي من الواجب مقيد بقيد لا ينطبق إلَّا على الواجب الواقعي ، وهو قيد العالميّة ولكنّنا شككنا في التطبيق . وفي القسم الأوّل لو علم المكلف بأحد طرفي العلم الإجمالي وكان في الواقع هو الواجب فقد حصل له العلم بالإتيان بذات الواجب ، وإن لم يحصل له العلم بالإتيان بالواجب بما هو واجب . وهذا بخلاف القسم الثاني إذ لو أكرم أحدهما وكان هو العالم واقعا لم يحصل له العلم بالإتيان بذات الواجب ، فإنّ ذات الواجب عبارة عن إضافة الإكرام إلى العالم وهو لا يعلم بالإتيان بها . والمختار في القسم الأوّل هو أنّ العلم الإجمالي مقتض للتنجّز على مستوى حرمة المخالفة القطعيّة وليس علة لذلك ، وليس علة ولا مقتضيا لوجوب الموافقة القطعيّة . وفي القسم الثاني هو أنّ العلم الإجمالي مقتض لحرمة المخالفة القطعيّة ولوجوب الموافقة القطعيّة وليس علة لشيء منهما . وينبغي هنا المنع عن عدة توهّمات : الأوّل : أن يتوهّم أنّ مقصودنا ممّا مضى هو التفصيل بين الشبهة الحكميّة والشبهة الموضوعيّة . فالشبهة في القسم الأول حكميّة والعلم الإجمالي يقتضي فيها حرمة المخالفة القطعية وليس علة لذلك ولا مقتضيا لوجوب الموافقة القطعيّة . وفي القسم الثاني موضوعيّة والعلم الإجمالي يقتضي فيها حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة من دون أن يكون علَّة لأحدهما . ولكنّ الواقع أنّ الشبهة الحكميّة وإن كانت داخلة تحت القسم الأول دائما ، لكن الشبهة الموضوعيّة قد تدخل تحت القسم الأوّل