إدراكها من حاق النفس بلا دخل شيء آخر خارج عن النفس وقواها أوحى إلى النفس بذلك الحكم ، كقانون أو تأديب أو غير ذلك [ 1 ] . فينبغي ان يقال ابتداء في مقام بيان عدم ضمان حقانية العقل العمليّ : ان قضايا العقل العمليّ لا تنبع من حاق النفس بدليل وقوع الخلاف فيها بين النفوس . وعلى أي حال فهذا ليس إشكالا على جوهر كلامه - رضوان اللَّه عليه - بقدر ما هو تحسين لصياغة المنهج . هذا . والذي ينبغي ان يكون مراده ( قدس سرّه ) من هذا الوجه هو التشكيك المنطقي في العقل العملي لا التشكيك الأصولي ، فإن هذا الوجه لا يفيد أزيد من ذلك وعلى أي حال فالاستدلال على عدم ضمان حقانية قضايا العقل العمليّ باختلاف العقلاء فيها باعتباره - على حد تعبيره - شاهدا على عدم كونها من الأوليات ، أو - على حد تعبيرنا - شاهدا على عدم دخولها في جامع الضروري ، وعدم نبعها من النفس وقواها ، غير صحيح وذلك لأمرين : الأول : منع ثبوت اختلاف العقلاء في ذلك . إذ لو كان المراد بالاختلاف الاختلاف في تمييز الحسن من القبيح بعد تسليم أصل الحسن والقبح ، فقد مضى ان الاختلاف انما هو في باب الترجيح لا في أصل كون هذا حسنا وذلك قبيحا [ 2 ] .