ولو كان المراد مخالفة الأشعري في أصل الحسن والقبح ، قلنا : ان الأشعري لم يخالف في الحسن والقبح ، وانما خالفنا بفرض إسنادهما إلى الشارع . وهذا من باب الخلط بين الحمل الأولي والثانوي وعدم التمييز بينهما ، وهو غير الاختلاف في أصل الحسن والقبح . وهذا نظير الاختلاف في أن الوجوب والإمكان مثلا هل هما انتزاعيان كما هو المشهور ، أو من لوح الواقع كما هو المختار ، مع الاشتراك في الإيمان بأصل الوجوب والإمكان . اذن فالاختلاف الذي يشير إليه المحقّق الأصفهاني ( رحمه اللَّه ) غير ثابت الا إذا قصد بذلك انه هو ( رحمه اللَّه ) يخالفنا في ذلك ويفرض عدم إدراكه ( رحمه اللَّه ) لحسن الطاعة وقبح المعصية . الثاني : انه لا مبرر لدعوى ان كل ما هو مضمون الصحة لكونه نابعا من النفس بما لها من القوى فهو متفق عليه بين العقلاء ، وذلك لأنه رغم اشتراك الناس في قوى النفس قد يقع الخلاف بينهم في بعض ما هو مضمون الصحة لأحد أمرين : الأول : ان الأشخاص مختلفون في تصاعدهم وفق الحركة الجوهرية في مراتب النفس وقواها ، ولهذا تختلف دائرة البديهيات سعة وضيقا باختلاف الأشخاص ، إلى أن نصل إلى الأبله الذي لا يدرك كثيرا من بديهيات العقل النظري مثلا ، التي يدركها متعارف الناس . ومن الممكن ان يوجد شخص في أعلى مراتب علو النفس ورقيّها ، ويدرك بالبداهة كلما هو نظري عندنا . الثاني : ان فهم النفس قد يغطى بتأثير من الشبهات العلمية ، أو الشهوات النفسية ، فلا يدرك ما كان يدركه لولا الشبهات أو الشهوات . ولذا ترى ان في كل زمان من الأزمنة والى يومنا هذا كان يوجد في العقلاء المفكرين والفلاسفة الفنّيين من ينكر استحالة اجتماع النقيضين . هذا .