لسان أول من عبّر عن هذا القانون « بقبح العقاب بلا بيان » ثم أسّس من زمان المحقّق النائيني ( رحمه اللَّه ) إلى زماننا هذا ثلث الأصول على هذا اللفظ - كما يتضح ذلك بمراجعة ما مضى من بحث قيام الأمارات مقام القطع الطريقي ، وما يأتي إنشاء اللَّه من بحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي - . والصحيح في دفع منشأ التشكيك للأخباري أن يقال : إنّ العقل العمليّ ينقسم إلى قسمين : عقل أول ، وعقل ثان . كما قسموا العقل النظري إلى قسمين : بديهيّ أوليّ ، وبرهانيّ ثانوي ( ونحن أضفنا إليهما الإدراك بحساب الاحتمالات ) والعقل الأول يدرك حسن الأشياء وقبحها بقطع النظر عن مسألة التزاحم ، والعقل الثاني يميز الأهم من المهم عند التزاحم . وكثرة الاختلاف انما هي في الثاني ، حتى أن ما يحكى : من أن بعض المجتمعات تكون الرئاسة فيها مختصة بقاتل الرئيس السابق ، وليس قتل الرئيس قبيحا عندهم ، بل من يقتله ويقوم مقامه يرونه مستحقا للمدح ، يرجع في الحقيقة إلى ما ذكرناه من الاختلاف بينهم وبين المجتمعات التي شاهدناها في تمييز الأهم من المهم لدى التزاحم . فكل إنسان يدرك ان الطموح وطلب العزّ والرفعة في نفسه حسن [ 1 ] ، ولذا ترى المجتمعات الأخرى يحسّنون ذلك في غير موارد التزاحم بقبيح كالقتل . كما أن كل إنسان يدرك قبح قتل الإنسان في نفسه ، ولذا ترى ذاك المجتمع الذي كان يحسّن قتل الرئيس بهدف الوصول إلى العز يقبّح قتله بغير هذا الهدف ، أو قتله قبل رئاسته ، أو بعد سقوطه