والذّم ، وحكم العقل العمليّ بالحسن والقبح . فإنّ الإرادة ليست عدا حالة نفسانيّة تعرض على الإنسان ، كعروض سائر العوارض عليه ، ونسبتها إلى الإنسان بعنوان الفاعل هي نسبة الوجوب - حسب ما هو مفروض في كلامهم - وبعنوان القابل هي نسبة الإمكان ، كما قالوا بذلك في جميع العوارض لعوالم الإمكان . فهل ترى لو أوجد شخص تكوينا إرادة الفعل في نفس شخص آخر ، وترتّب عليها تكوينا صدور الفعل منه ، استحقّ ذاك الفاعل المدح أو الذم ؟ وحاصل الكلام أنّ ما هو ثابت في الواقع ، ومركوز في الأذهان ، ومدرك بالعقل الفطريّ ، هو اختياريّة أفعال الإنسان بالمعنى المترتب عليه الحسن والقبح والمدح والذم . فالمحدد للاختياريّة عندنا إنّما هو العقل العمليّ . وأما هؤلاء الفلاسفة فلم يحدّدوا الاختياريّة بالعقل العمليّ ، وإنّما حدّدوها باصطلاح خاص ، ولا نزاع لنا معهم في اصطلاحهم . ولكنّا نقول : إنّ هذه المصطلحات والنزاع فيها لا تعدو أن تكون نزاعا لفظيّا فارغا لا محصّل لها ما لم يرجع الكلام إلى البحث عن اختيار مصحّح لما هو المدرك لدى النّاس من الحسن والقبح بناء على حقانيّتهما . نعم إن صحّت نسبة المحقّق الأصفهاني ( رحمه اللَّه ) إلى الفلاسفة القول بما يرجع إلى إنكار العقل العمليّ رأسا ، ورجوع التحسين والتقبيح والمدح والذم إلى تباني العقلاء وتواطئهم على ذلك ، لم يبق لهم أثر عمليّ للبحث عن الاختيار بهذا المعنى . هذا . وذكر المحقّق النائيني ( رحمه اللَّه ) والسيّد الأستاذ ومن حذا حذوهما في تصوير الاختيار : إنّ قاعدة أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد مختصّة بغير الأفعال الإراديّة ، أما الأفعال الإراديّة فالنّسبة فيها هي الإمكان بلحاظ الفاعل ، كما كانت هي الإمكان بلحاظ القابل . وذلك لأنّ الأفعال