الإراديّة تكون في طول الاختيار ، بمعنى أنه يصدر من الإنسان حين العمل أمران : 1 - إعمال القدرة وهو فعل من أفعال النفس لا حالة خاصة عارضة عليها كالإرادة . 2 - العمل الخارجي . والثاني اختياريّ بالأوّل ، والأوّل اختياريّ بنفسه . وترتّب الفعل الخارجي على ذاك الفعل النفسيّ واجب ، لكنّ هذا الوجوب لا ينافي الاختيار ، لكونه في طول الاختيار ، لا بمعنى كونه في طول الإرادة - بأن تسمى الإرادة اختيارا - بل بمعنى كونه في طول إعمال النفس للقدرة . وخصوص هذا الفعل النفسانيّ خارج عن تحت قاعدة أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ويكفي فيه نفس الإمكان . أقول : لا أدري لما ذا لم يدّعوا - بعد فرض تطرّق الاستثناء إلى قاعدة أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد - كفاية الإمكان ابتداء بالنسبة للأفعال الخارجيّة . ثم لا أدري ما ذا يقصد بإعمال القدرة ؟ فهل الإعمال غير العمل ؟ وبتعبير آخر : هل المقصود بإعمال القدرة إيجاد نفس القدرة أو إيجاد المقدور - وهو الفعل الخارجي - أم ما ذا ؟ . فإن كان المقصود هو إيجاد نفس القدرة - والظاهر أنّه ليس هو المقصود - فمن الواضح أنّ إيجاد القدرة عمل للواهب تعالى لا لهذا الشخص . وإن كان المقصود هو الثّاني ، ورد عليه أنّ الإيجاد عين الوجود ، وإنّما يختلفان بالاعتبار ، وليس كل من الإيجاد والوجود فعلا مستقلا للفاعل في قبال الآخر . وأظن أنّهم تفطَّنوا إلى أنّه لو بني على استثناء الأفعال الإراديّة مباشرة من قاعدة أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد وقيل بكفاية الإمكان فيها ، لأمكن دعوى كفاية الإمكان في الأمور التكوينيّة أيضا ، وبهذه الدعوى ينسدّ باب إثبات الصانع . فالتزموا بحالة متوسّطة بين