مدركات العقل العمليّ . الثّاني : أن يكون مرادهم ما يظهر من كلام المحقّق الأصفهاني ( رحمه اللَّه ) اختيارا أو إسنادا إلى الفلاسفة من إنكار ما بإزاء في الواقع للمدركات بالعقل العمليّ ، وأنّ مرجع العقل العمليّ إلى تطابق آراء العقلاء ، ولا واقع له وراء ذلك . وهو ( قدّس سرّه ) بالرغم من إصراره على ذلك لم يذكر في كلامه عدا ما إذا تمّ لا يدلّ على أزيد من الأمر الأوّل ، أعني عدم ضمان الحقّانيّة . حيث أنّه ذكر ( رحمه اللَّه ) في بحث التجرّيّ دليلا على عدم كون قضايا العقل العمليّ من موادّ البرهان ، وهذا المقدار - كما ترى - ينفع في سلب صفة ضمان الحقانيّة عنها فحسب ، لأنّ العقل البرهاني هو المضمون حقانيّته دون غيره . ولا يثبت بذلك كذب هذا الإدراك وعدم وجود ما بإزاء له في الواقع حتما . وعلى أيّ حال فإن كان هذا الوجه هو المقصود ، فسيرجع محصله إلى إنكار العقل العمليّ رأسا ، وإرجاعه إلى العقل النظريّ ، وجعل هذا العنوان مجرد اصطلاح بحت بلا مائز فنّيّ . توضيح ذلك : إنّ المدرك بالعقل العمليّ على هذا إمّا هو نفس تطابق العقلاء على صحة المدح والذم ، أو متعلَّق هذا التطابق . فإن فرض الأوّل ، فهذا التطابق إنّما هو مدرك بالعقل النظريّ ، كتطابقهم على حب الأولاد ، وبغض الأعداء ، وغير ذلك . وإن فرض الثّاني ، فإن قيل : إنّ متعلَّق هذا التطابق أمر واقعيّ وثابت بعض النظر عن تطابق العقلاء ، فهذا خلاف فرض إنكار ما بإزاء في الواقع للمدركات بالعقل العمليّ وإرجاعه إلى تطابق العقلاء . وإن قيل : إنّ متعلَّق هذا التطابق هو فعل العقلاء من جعل قانون المدح والذم ، أو تنفيذه عملا ، فهذا حاله حال سائر أفعال العقلاء المدركة بالعقل النظريّ . وأيّ فرق بين فرض كون جاعل القانون هو العقلاء أو الشارع ، حتّى يفترض أنّ القائل بالأوّل