ثمّ إنّه قد ظهر ممّا ذكرناه عدم صحّة إرجاع ما يترائى لدى النّاس من إدراك الحسن والقبح ، إلى باب الميل والغريزة ، وسلخهما عن باب الإدراك . فإنّه يلزم من ذلك عدم صحّة إسناد الحسن والقبح إلَّا بالنسبة لمن له هذا الميل الطبيعي والغريزة النفسانيّة ، وعدم تطبيق الحسن على أفعال اللَّه تعالى . فلا يصح أن يقال مثلا : إنّ العدل منه حسن والظلم منه قبيح [ 1 ] . وكذلك من عوّد نفسه على ارتكاب القبائح وترك المحسّنات ، إلى أن زال منه الميل الطبيعي إلى فعل الحسن وترك القبيح ، وماتت غريزته ، لزم أن لا يميّز بين الحسن والقبيح ، مع أنّه ليس كذلك [ 2 ] .