الثّاني ، ورد عليه النقض بفرض عدم الالتفات إلى الأعدام الملازمة ، فإنّه يلزم من ذلك ربط إدراك القبح بالالتفات إلى الأعدام الملازمة وعدم إدراكه عند عدم الالتفات إليها ، بينما ليس الأمر كذلك . وكذا ربط إدراك حسن ترك الانتقام بالالتفات إلى وجودات ملازمة له وعدم إدراكه عند عدم الالتفات إليها ، بينما ليس الأمر كذلك . هذا مضافا إلى أنّ هذا الكلام ينافي مبناه ( رحمه اللَّه ) من عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاصّ [ 1 ] . وأمّا لو أريد أنّ إسناد القبح إلى الكذب مثلا إسناد مجازيّ باعتبار الأعدام الملازمة له ، فهو بغضّ النظر عمّا عرفت من النقض بفرض عدم الالتفات إلى الأعدام المترتبة عليه ، يكون ممّا يكذّبه وجدان المدركين للحسن والقبح من العقلاء . فإنّهم يدركون قبح الكذب حقيقة لا مجازا . بقي هنا شيء ، وهو : أنّ ما ذكره ( رحمه اللَّه ) من انبساط القوّة العاقلة وانقباضها ، لا ترى له أيّ منشائيّة لصحّة المدح والذم . فلا بدّ من التفتيش عن نكتة لصحّة المدح والذم . فإن فرضنا أنّها عبارة عن قانون العقلاء ، وجعلهم لصحّة المدح والذم ، رجع هذا في الحقيقة إلى إنكار إدراك الحسن والقبح الذاتيّين . وإن فرضنا أنّها عبارة عن خصوصيّة ذاتيّة في الفعل ، فهي بنفسها تفسير للحسن والقبح بلا حاجة إلى ضمّ انبساط القوّة العاقلة وانقباضها ، إلَّا أن يكون مقصوده ( قدّس سرّه ) أنّ ذلك علامة ومعرّف للحسن والقبح ، وإن كان هذا خلاف ظاهر كلامه [ 2 ] .