هذا القبيل ، يعدّ لدى المعترفين بقبح كشف السرّ خائنا غير نبيل . بينما لو فرضنا دوران الحسن والقبح مدار ما يوجبه الشيء من كمال أو نقص ، يجب إيقاع التزاحم بين المقدار الَّذي يزول بسبب كشف السّر مرّة واحدة من ملكة كتمان السرّ ( التي هي في قاموس علم الأخلاق كمال من كمالات النفس ) والمقدار الَّذي يحصل عليه من كمال العلم بسبب ذلك ، ولرجحان الثّاني يحكم بعدم قبح كشف السّر بل بحسنه . وكذلك لو فرض أنّ شخصا قادرا على التصرّف في النّفوس قال له : اكشف مرة واحدة سرّ أخيك وأنا أضمن لك تتميم هذه الملكة في نفسك ، وجعلها أقوى ممّا كانت قبل كشف السّر بدرجات كثيرة ، ففعل ذلك ، فلا إشكال في أنّه يعدّ رجلا خائنا ويعدّ فعله رذيلة من الرذائل . وأمّا الثّالث - فلأنّه لو ربط الحسن والقبح بمصلحة المجتمع ومفسدته ، لزم في مثال مقدّميّة كشف السرّ لتحصيل ما هو من أهمّ العلوم مثلا ، إيقاع التزاحم بين المفسدة النوعيّة المترتّبة على كشف السرّ وزوال ملكة الكتمان ، والمصلحة المترتّبة على تحصيل ذلك العلم الَّذي يمكَّنه من نفع المجتمع بمنافع عظمى . فمتى ما كانت هذه المصلحة أقوى لزم أن لا يكون كشف السرّ قبيحا ، ولا يعدّ هذا الشخص خائنا وغير نبيل عند من يدرك قبح كشف السرّ ، بينما ليس الأمر كذلك . هذا . وللمحقّق الخراساني ( رحمه اللَّه ) في فوائده بيان في شرح الحسن والقبح ، يربط فيه باب الحسن والقبح بباب المصلحة والمفسدة بأسلوب آخر يختلف عن الوجوه الماضية . ولعلَّه كان لتفطَّنه على ما يرد على تلك الوجوه ، أو لتفتيشه عن أساس أعمق . وحاصل كلامه ( رضوان اللَّه عليه ) : إنّه طبّق أولا . مقالة الفلاسفة في تفسير الخير والشرّ على باب الأفعال .