مرادهم من اليقين الأصولي كما هو واضح . ثم الخطأ في التطبيق يقل بطول الممارسة ، وتمرين الفكر ، وتقوية الذكاء ، وفي أي فن مارس العقل وطال مرانه فيه قلَّت أخطاؤه مطلقا وبصورة خاصة في ذلك الفن . الثالث - أن هنا منشأ آخر للخطإ في المعارف البشرية لم يلتفت إليه أرسطو في فنه ، ولا الأصوليون ، ولا من عارضهم من الأخباريين ، وهو ان ما مضى ذكره من الخريطة في مقام التنازل من العالي إلى السافل كان من شرط عدم وقوع الخطأ فيها كون تطبيق أي شيء وجد في تلك الخريطة على ما بعده بلا فصل بديهيا ، وهذا شرط أساس لا حظوة في فن المنطق . ولكن الإنسان قد يطبق - مع الالتفات وبدون غفلة - شيئا على شيء بلا فصل بدون أن يكون هذا التطبيق بديهيا ، وإلَّا لما وقع في الخطأ . فهذا التطبيق لا هو تطبيق مع فاصل كي يكشف عن نقص في الخريطة ويكون تتميمها بتحصيل الفاصل ، ولا هو تطبيق بديهي ومعصوم عن الخطأ كي تصبح الخريطة بتمامها معصومة ، بل هو تطبيق ينشأ من حساب الاحتمالات وتجميع القرائن إلى حدّ يفني الشك وينهيه تلقائيا ، وليس المقصود بذلك فناء الشك رياضيا فإن الاحتمال لا يفنى رياضيا بتجميع القرائن على خلافه ، بل مهما كثرت القرائن كان مقتضى الحساب الرياضي بقاء كسر ضئيل دون أن يزول ، ولكن الإنسان خلق بنحو يضمر ويزول الاحتمال الضئيل في نفسه وينتفي عند تظافر القرائن ضده ضمن شروط لا مجال لبحثه هنا ، فمثلا حين نشير إلى محسوسنا في أفق الحسّ ونطبق عليه عنوان المطابقة للواقع الخارجي ، فهذا التطبيق ليس بالبداهة ولا بوسيط محذوف بل بحساب الاحتمالات ، وإلى هذا يرجع كل ( المحسوسات ) الخارجية