ترجع إلى الشكل الأول وهو ذو حدود ثلاثة : ( الأصغر ) وهو موضوع النتيجة والصغرى . و ( الأوسط ) وهو الحد المشترك بين المقدمتين غير الموجود في النتيجة . و ( الأكبر ) وهو محمول النتيجة والكبرى . ويكون الأوسط همزة وصل بين الأصغر والأكبر وموجبا لائتلافهما وحمل الأكبر على الأصغر . وكيفية الاستنتاج من الشكل الأول عبارة عن تطبيق الأكبر على الأوسط ، وهو بديهي ومضمون الحقانية . وتطبيق الأوسط على الأصغر ، وهو بديهي ومضمون الحقانية ، فينطبق الأكبر على الأصغر بحكم آخر للعقل بديهي ومضمون الحقانية أيضا ، وهو أن المنطبق على شيء منطبق على شيء ثالث يكون منطبقا على ذاك الشيء الثالث . وبهذا تحصّلت لدينا خريطة المعلومات المضمونة الصحة ، ففي أول الخريطة البديهيات ، وتجعل تحتها ما يكون أخص منها بدرجة ، وهي أكثر عددا مما في السطر الأول لا محالة . ثم ما يكون أخص من الدرجة الثانية ، وهي أكثر عددا منها ، وهكذا إلى أن نصل إلى الجزئيات الصرفة ، ويتشكل من كل ثلاثة أمور مترتبة في هذه الخريطة قياس من الشكل الأول ، ويجب أن يكون درك انطباق كل واحد من هذه الأمور على ما يتلوه بلا فصل بديهيا لا اكتسابيا ، وإلَّا للزم وجود الفصل بينهما ، لأن الاكتساب يكون بالقياس وهو بحاجة إلى الأوسط ، وإذا كان انطباق كل واحد من هذه الأمور على تاليه بديهيا كان تمام ما يثبت في هذه الخريطة مضمون الحقانية . وبهذا البيان ظهرت صحة القول بأن منطق أرسطو لا يزيد شيئا على المعارف البشرية ولا يثمر معرفة جديدة ، على أن يكون المراد بهذا الكلام أنه كلما عرف تفصيلا بالاستنتاج من القياس كان كامنا في الكبرى ، فمنطق أرسطو إنما يفيد في إلفات النظر تفصيلا إلى جزئيات الأمور المعلومة إجمالا .