لا أقطع بحصول الجزم عند الآخرين [ 1 ] ، فلو ادعى هذه الدعوى ومشينا معه إلى آخر نقوضها وادعى في جميعها الشك . . لم يسعنا تكذيبه ، لما مضى من أن أجزاء العلة لحصول الجزم تختلف من شخص لآخر ، ولعل أحد أجزاء علة حصول الجزم بالنسبة لهذا الشخص هو عدم الالتفات إلى كثرة الأخطاء والمفروض التفاته إليها . لكنا نقطع أن هذا ليس جزء العلة بصورة كلية ، لما نراه بالوجدان من تحقق المعلول في أنفسنا وهو الجزم رغم انتفاء هذا الجزء . وهذا نظير أن ما نراه مثلا من إحراق النار للقرطاس تحت السماء دليل على أنه ليس من شرائط إحراقها للقرطاس كونها تحت السقف ، فلو ادعى أحد كون ذلك شرطا له كان جوابه نقضا وحلا شيئا واحدا وهو ما جرّبناه خارجا ، بفرق ان هذه التجربة في مثل هذا المثال تهدينا إلى قضية عامة حاصلها عدم اشتراط كون النار تحت السقف في الإحراق مثلا ، إذ لا نحتمل الفرق بين نار ونار أو قرطاس وقرطاس أو كون الملقى في النار زيدا أو عمرا . . بينما فيما نحن فيه لا تهدينا تجربتنا إلى قضية عامة ، لما قلناه من أن أجزاء علة حصول الجزم تختلف من شخص لآخر ، فقد يكون عدم الالتفات إلى كثرة الأخطاء شرطا لحصول الجزم في مزاج إنسان معين لما له من خصوصيات روحية وفكرية وغيرها ، ولا يكون الأمر بالنّسبة لشخص آخر كذلك ، فهو بما له من خصوصيات فكرية وروحية ومزاجية وغيرها يكون مضطرا إلى حصول الجزم له من الأدلة العقلية ، وقد يكون أحد أجزاء العلة لحصول