الجزم له بكثير من الأمور اعتقاده بكون ما له من مستوى الذكاء والخبرات والاطلاع على سائر الآراء واصلا إلى درجة لو فرض وجودها في أي شخص واقترانها بالخصوصيات التي اقترنت بها في هذا الشخص لم تكثر أخطاؤه بل كانت أخطاؤه في غاية القلة بنحو لا موجب للتشويش من قبلها . وخلاصة الكلام أننا لا نمنع أحدا يدّعي لنفسه الشك وعدم الجزم ، لكن ليس له أن يقول لنا - بعنوان الإشكال والاعتراض - : لما ذا يحصل لكم الجزم بالأدلة العقلية رغم كثرة الأخطاء فيها ؟ سنخ ما يقال لمن يذهب إلى صحراء كثيرة المخاطر : لما ذا تذهب إلى الصحراء رغم كثرة المخاطر فيها ؟ . فإن حصول الجزم لنا ليس أمرا اختياريا ، نعم له أن يقول هذا الكلام بعنوان السؤال عن وجه حصول الجزم ، فيقال له في الجواب : إن الوجه في ذلك هو أننا خلقنا هكذا وتكونت فينا خصوصيات لا يكون معها الالتفات إلى كثرة الأخطاء مانعا تكوينا عن حصول الجزم . نعم لو كنا نعتقد الملازمة بين نفس مدلولات الأدلة لكان انكشاف خطأ بعضها موجبا لعدم علمنا بصحة باقي الأدلة ، لكننا لا نحتمل ذلك وانما نعتقد بالتلازم العلَّي بين نفس الدليل المقترن بشرائط خاصة وحصول العلم بمدلوله . وقد ظهر بما ذكرناه ما في كلام الأصوليين حيث سلكوا غير هذا المسلك في ردّ شبهة الأخباريين . هذا تمام الكلام في فرض كون مراد الأخباريين إنكار اليقين بمعناه الأصولي .