أصبح المكلَّف متمكَّنا من المخالفة القطعيّة باختيار أحد الطَّرفين مع ترك الالتزام فقد خرج المورد عن الدّوران بذاك المعنى [ 1 ] . الوجه الخامس : افتراض أنّ الالتزام القلبي واجب شرعيّ مستقلّ في قبال سائر الواجبات الشرعيّة . وهذا متوقّف على ورود دليل شرعيّ على ذلك في الأحكام كما ورد في أصول الدّين ، ويدور حينئذ سعة وضيقا مدار مفاد ذاك الدّليل المفترض . ومقصود الأصحاب ( رضوان اللَّه عليهم ) ممّا جعلوه مدارا إثباتا ونفيا في المقام هو الوجه الثّالث من هذه الوجوه دون غيرها . أمّا الوجه الخامس فواضح [ 2 ] ، وأمّا الأوّلان والرّابع فيظهر من التّأمل في كلماتهم أنّها غير مقصودة . ونحن نقتصر هنا على الاستشهاد بالقرائن الموجودة في كلام المحقق الخراساني ( رحمه اللَّه ) : فقوله في الكفاية في أوّل هذا المبحث : ( هل تنجّز التكليف بالقطع كما يقتضي موافقته عملا يقتضي موافقته التزاما . . . ) ينفي إرادة الوجه الأوّل ، فإنّ وجوب الالتزام بناء على الوجه الأوّل حكم عقليّ في عرض التنجّز وليس شقّا من شقّي التنجّز ولا مترتّبا على التنجّز ، فقوله : ( هل تنجّز التكليف يقتضي . . . ) إنّما ينسجم مع الوجه الثّاني الَّذي يكون وجوب الالتزام فيه حكما عقليّا مترتّبا على التنجّز ، أو الثّالث الَّذي يكون وجوب الالتزام فيه شقّا من شقّي التنجّز ، أو الرّابع الَّذي يكون الالتزام فيه دخيلا في الغرض فيتنجّز على العبد بتنجّز التكليف .