الدور ، لأنّ العلم بالحكم توقّف على العلم بهذا العلم بينما العلم الثاني متوقّف على العلم الأوّل . إذن فحكم من هذا القبيل غير قابل للوصول ، لأنّ قابليّته للوصول تستبطن الدور ، والحكم الذي لا يقبل الوصول يلغو . إلى هنا اتّضح أنّ أخذ العلم بشيء في متعلَّقه بمعنى اتحاد ما تعلَّق به العلم وما ترتّب على العلم بالمعنى الدقيق لكلمة الاتحاد مستحيل . يبقى الكلام في أنّه لو اتفق للمولى كون غرضه متعلَّقا بجعل حكم بحيث يختص بدائرة العالمين بالحكم ، أفهل يوجد له طريق للوصول إلى هذا الهدف من دون الابتلاء بالمحاذير السابقة أو لا ؟ . والواقع أنّ البراهين الماضية ما تمّ منها لا يثبت عدا استحالة أخذ العلم بالحكم في متعلَّقه بنحو يتّحد بالدّقة ما تعلَّق به العلم مع ما توقّف على العلم . ولدينا وجهان لعلاج الموقف بشكل لا يعود أخذ العلم بالحكم في متعلَّق الحكم إلى الاتحاد الحقيقي بين ما تعلَّق به العلم وما توقّف عليه : الوجه الأوّل : أنّ بإمكان المولى أخذ العلم بالجعل في مرتبة المجعول ، فلم يكن ما تعلَّق به العلم عين ما ترتّب على العلم بالدقّة حتّى يلزم محذور ، وفي نفس الوقت قد توصّل المولى إلى غرضه من اختصاص حكمه بدائرة العالمين . ولا فرق في ذلك بين أن نتصوّر الفرق بين الجعل والمجعول بالشكل المتعارف ذكره ، أو نختار معنى أدقّ وأعمق يأتي بيانه في محلَّه - إنشاء اللَّه - . ولننهج هنا في مقام البيان المنهج المتعارف ذكره حيث يقال : إنّ الشارع لمّا جعل وجوب الحجّ على المستطيع مثلا - ولنفرض أنّه في ذلك الحين لم يكن أحد مستطيعا - فلا إشكال في أنّه وجد بذلك في عالم