التشريع حكم لم يكن موجودا قبله ، وهذا هو المسمّى بالجعل ، ولكنّا لو وجّهنا سؤالا إلى أيّ إنسان في ذلك الزمان عن أنّه هل يجب عليك الحج - والمفروض بشأنه عدم الاستطاعة - لأجاب بالنفي ، ولو سألناه عن ذلك بعد استطاعته لأجاب بالإيجاب ، إذن قد تحقّق بشأنه بعد تماميّة الجعل وجوب عند اتصافه بالاستطاعة ، وهذا الوجوب لم يكن موجودا بشأنه قبل استطاعته ، وهذا هو المسمّى بالمجعول . إذن فالمجعول غير الجعل ، وعليه فلا مانع من أخذ العلم بالجعل شرطا لتحقّق المجعول . وقد ذكرنا للسّيّد الأستاذ هذا العلاج - أعني أخذ العلم بالجعل موضوعا للمجعول - فأجاب عنه بما ذكرنا في ( الدراسات ) من أنّ جعل الحجّ مثلا على المستطيع ليس جعلا بشأن زيد إلَّا إذا استطاع زيد ، والجعل إنّما يكون جعلا بشأن شخص ما حينما يكتمل بشأن ذاك الشخص كل شرائط المجعول ، والمقصود من أخذ العلم بالحكم في متعلَّق الحكم ليس هو أخذ العلم بحكم أحد في متعلَّق حكم شخص آخر ، وإلَّا فإمكانه بمكان من الوضوح ، وإنّما المقصود هو أخذ العلم بحكم شخص في متعلَّق حكم ذلك الشخص ، إذن فمرجع أخذ العلم بالجعل في متعلَّق المجعول هو أخذ العلم بجعل وجوب الحجّ على زيد مثلا في موضوع الوجوب الفعليّ للحجّ على زيد ، وبالتالي لم يعد المتوقف على العلم بالجعل هو المجعول فقط كي يخلو عن المحذور ، بل أصبح نفس الجعل بشأن زيد متوقّفا عليه ، لأنّ كون الجعل جعلا بشأن زيد متوقّف على تحقّق كامل أجزاء موضوع المجعول والتي منها علمه بالجعل . ويرد عليه : أنّنا نقصد بأخذ العلم بالجعل في متعلَّق المجعول أخذ العلم بجعل ( لم يقع فاصل بينه وبين كونه جعلا بشأن زيد عدا العلم به ) في متعلَّق المجعول ، أو قل : أخذ العلم بجعل لو علم به لكان جعلا