هذا . هو الوجه الأوّل من الوجهين البرهانيّين اللَّذين يمكن ذكرهما في المقام ، إلَّا أنّ هناك إشكالا يرد على هذا الوجه سيأتي ذكره ( إنشاء اللَّه ) عن قريب . الوجه الثاني : هو أنّه لا إشكال في أنّ العلم بفعليّة الحكم متوقف على العلم بموضوعه ، وليس من قبيل العلم بالمعلولات التكوينيّة الأخرى التي قد يكون العلم بها هو المولَّد للعلم بالعلَّة على طريقة الإنّ ، فإنّ الحكم الذي هو أمر اعتباريّ لا يعقل الإحساس به مباشرة ثم الانتقال منه إلى موضوعه ، بل المعقول هو العكس بأن يعلم العبد بموضوعه فيعلم به ، ولو فرض أنّ نبيّا من الأنبياء أخبره بفعليّة الحكم في شأنه نقلنا الكلام إلى علم النبيّ مثلا بذاك الحكم فهو يتوقّف على علمه بموضوعه [ 1 ] فإذا اتّضح أنّ العلم بالحكم متوقّف على العلم بموضوعه قلنا : إذن لو كان العلم بنفسه داخلا في موضوع الحكم فهذا يعني أنّ العلم بالحكم يتوقف على العلم بالعلم بالحكم ، والعلم بالعلم هو عين العلم لأنّ العلم من المعلومات الحضوريّة لدى النفس فيستحيل تعلَّق علم آخر به ، إذ ما هو منكشف بذاته لا معنى لانكشافه بواسطة الصورة لاستحالة انكشاف المنكشف ، إذن فتوقّف العلم بالحكم على العلم به يعني توقف الشيء على نفسه . ولو تنزّلنا وافترضنا إمكانيّة تعلَّق العلم الحصوليّ بما هو منكشف لدى النفس حضورا قلنا : إنّ العلم بالعلم متوقّف على العلم الأوّل إذ كما أنّ العلم بالمحسوسات الخارجيّة فرع الإحساس بها كذلك العلم بالوجدانيّات فرع وجدانها ، وبهذا يثبت