وهذا الوجه وجه وجدانيّ وليس برهانيّا ، وهو وجه متين . وبالإمكان أن نذكر في المقام وجهين برهانيّين لإثبات عدم إمكان أخذ العلم بالحكم شرطا في متعلَّقه . الوجه الأوّل : أنّ الهدف من إيجاد المولى لهذا الحكم لو كان هو تحريك العبد بأن يقع أحيانا في سلسلة علل علم المكلَّف به فيتحرّك به بواسطة العلم ، قلنا : إنّ هذا الهدف سوف لن يتحقّق أبدا ، إذ من المستحيل وقوع وجود هذا الحكم في سلسلة علل علم المكلَّف به ، لأنّ هذا يستلزم الدور ، إذ هذا يعني توقف علم المكلَّف عليه توقّف المعلول على علَّته ، في حين أنّه هو متوقف على علم المكلَّف توقف الحكم على موضوعه . أمّا لو لم يكن الهدف ذلك ، كما لو كان المولى يكتفي بما قد يتّفق من حصول العلم للمكلف بالحكم من دون أن يقع ذلك الحكم في سلسلة علل حصول العلم ، إذن فيلغو إيجاد هذا الحكم ، إذ ليس هو المحرّك للعبد وإنّما المحرّك له هو علمه الذي سيحصل حتّى لو لم يوجد المولى ذلك الحكم . ولا يتأتّى هنا الإشكال الذي ذكرناه على السّيّد الأستاذ فيما سبق من فرض حرمة التجرّي ، حيث قلنا : إنّ هذه الحرمة تؤكَّد الحرمة التي يعتقد بها المتجرّي ، فقد توجب ردعه عن المعصية رغم أنّ الحرمة الأولى لم تكف لردعه ، وذلك لأنّ المفروض أن الحكم المتوقف على العلم هنا ليس حكما جديدا يؤكَّد أثر الحكم الأوّل المعتقد به في تحريك العبد ، بل المفروض أنّه هو نفس الحكم الذي تعلَّق به العلم .