وقد أورد المحقق الأصفهاني ( رحمه اللَّه ) على جعل الأمارة علما بالاعتبار كي يترتّب عليها قهرا التنجيز والتعذير بأنّه : لا يعقل ترتّب التنجيز والتعذير على اعتبار الأمارة علما إطلاقا ، سواء فرض أنّ التنجيز والتعذير أثران عقليان للعلم ، أو فرضا أثرين عقلائيين له كما هو مختار المحقّق الأصفهاني ( رحمه اللَّه ) . فإن فرض الأوّل قلنا : إنّ الأحكام العقليّة لا تتقوّم بالأمور الواقعيّة . وإن فرض الثّاني قلنا : إنّ الأحكام العقلائيّة ليست بنحو القضايا الحقيقيّة - كأحكام الشارع - كي تشمل الأفراد الخارجيّة والمقدّرة حتّى يقال : إنّ الشارع أوجد لموضوع الحكم العقلائي فردا جديدا . وإنّما حكم العقلاء عبارة عن عملهم الخارجيّ في الموارد الجزئيّة والعقلاء ليسوا مشرّعين [1] . ويرد عليه : أنّنا تارة نختار الشقّ الأوّل - كما هو الصحيح ، وهو المشهور بين الأصوليين ، وهو مختار المحقّق النّائيني ( رحمه اللَّه ) - ونجيب عن الإشكال بأنّ المدّعى ليس هو تقوّم التنجيز والتعذير بأمور اعتباريّة ، بل يدّعى تقوّمهما بأمر واقعيّ وهو نفس اعتبار الشارع الأمارة علما ، فإنّ هذا أمر واقعيّ ، لا بالمعتبر الذي هو أمر خياليّ ويستحيل فلسفيّا تقوّم الواقعيّات به ، فهذا نظير أن تحصل لشخص من تصوّر بحر من زئبق واعتباره حالة نفسانيّة حقيقيّة . وأخرى نختار الشقّ الثاني ونجيب عن الإشكال بأنّ العقلاء كثيرا ما يجعلون فيما بينهم قضايا كليّة ، كجعل وجوب إطاعة أوامر الشخص الفلاني على أنفسهم . كما أنّه كثيرا ما يجعلون فيما بينهم أمورا جزئيّة بالأعمال الخارجيّة لكنّه بالتدريج ينعقد في أذهانهم حكم كليّ . فقد يدّعى أنّه صدر منهم العمل الخارجيّ بالنسبة للموارد الجزئيّة التي تمّ في