العلم به ينتفي أصل التنزيل الأوّل الذي كان حكما ظاهريّا . فلو فرض المحقّق العراقي ( رحمه اللَّه ) أنّ ما هو المعلَّق عليه الحكم الذي جعل بالتنزيل الأوّل عبارة عن القطع بالواقع الحقيقي لم يناسب ذلك كون التنزيل الأوّل حكما ظاهريّا . ولو فرض أنّ ما هو المعلَّق عليه لذلك الحكم عبارة عن القطع بالواقع الجعلي ، ورد عليه : أولا : - أنّ هذا خلف فرض التنزيل ، لأنّ التنزيل عبارة عن إسراء نفس حكم المنزل عليه على المنزّل ، وحكم المنزّل عليه هو الحرمة المعلَّقة على القطع بالواقع الحقيقي . وثانيا : - أنّ هذا خلف لما هو المفروض من الاحتياج بعد التنزيل الأوّل إلى تنزيل جديد ، إذ بمجرّد العلم بالواقع الجعلي يتحقّق ما علَّق عليه الحكم وهو القطع بالواقع الجعلي ، فيصير الحكم فعليّا بلا حاجة إلى تنزيل جديد . أو قل : إنّ قوله : ( جعلت الحرمة لمظنون الخمريّة على تقدير القطع بالواقع الجعلي ) يكون في الحقيقة متكفّلا لكلا التنزيلين . وثالثا : - إنّه على هذا الوجه يلزم تعليق الحرمة على القطع بتلك الحرمة ، والمحقّق العراقي ( رحمه اللَّه ) لا يجوّز تعليق الحكم على القطع به . وجه اللزوم : أنّ المفروض أنّ الحرمة علَّقت على القطع بالواقع الجعلي ، وليس جعل الواقع إلَّا عبارة عن التنزيل ، وليس التنزيل إلَّا عبارة عن إسراء الحكم وهو الحرمة إلى المنزّل عليه ، وهذا عبارة عن جعل الحرمة ، فلزم كون الحرمة معلَّقة على القطع بالحرمة . ولو فرض المحقّق العراقي ( رحمه اللَّه ) أنّ ما هو المعلَّق عليه الحكم المجعول بالتنزيل الأوّل عبارة عن الجامع بين القطع بالواقع الحقيقي والقطع بالواقع الجعلي ، ورد عليه : أوّلا : أنّ المعلَّق عليه الحكم الواقعي قبل التنزيل الأوّل