والثاني : أنّ الحكم الواحد لئن كان ينحل بحسب تعدد أفراد الموضوع فمن الواضح أنّه لا يعقل انحلاله على أجزاء الموضوع ، فوجوب إكرام العالم العادل لا ينحلّ إلى حكمين باعتبار العلم والعدالة ، ومن هنا يتّضح أنّ التنزيلين بلحاظ جزئي الموضوع لا يعقل فيهما الطوليّة زمانا أو رتبة ، لأنّهما بروحهما تنزيل واحد ، لما عرفت من عدم انحلال الحكم بلحاظ أجزاء موضوعه حتى يترتّب أحد أفراد الحكم على ما نزّل منزلة جزء الموضوع ، والتنزيل إنّما هو عبارة عن إسراء الحكم ، فلا بدّ من كون التنزيلين في عرض واحد ، فبتنزيل الجزء الأوّل لا يترتب الحكم ، كي يتمّ التنزيل حقيقة ، كي تصل النوبة إلى التنزيل الآخر الذي هو في طوله . وبتعبير آخر : إنّ تنزيل شيء منزلة أحد جزئي الموضوع لا يعقل إلَّا إذا كان الجزء الآخر ثابتا حقيقة أو بتنزيل في عرض ذلك التنزيل . وأورد المحقّق العراقي ( رحمه اللَّه ) على ما في الكفاية بأنّ تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع لا يعني تنزيله منزلته في الحكم الفعلي كي يقال : أنّ الحكم إنّما يترتب على مجموع الجزءين لا على أحدهما ، بل يعني تنزيله منزلته في الحكم التعليقي أي في ترتّب الحكم عليه على تقدير تحقّق الجزء الآخر ، وهذا أمر معقول فقد ينزّل المولى بعد هذا التنزيل شيئا آخر منزلة الجزء الآخر ليخرج ذلك الحكم التعليقي عن التعليق إلى الفعليّة ، ولا ضير في ذلك . ويرد عليه : أنّ هذا التخريج في خصوص ما نحن فيه غير وارد ، لأنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع إنّما هو حكم ظاهريّ ، فلو فرض حقا أنّه إجراء لنفس الحكم التعليقي الثابت على الواقع - كما هو المفروض إرادته بكلمة التنزيل - قلنا : إنّ الحكم التعليقي الثابت على الواقع قبل التنزيل الثاني إنّما هو معلَّق على العلم بالواقع ، في حين أنّه لا يعقل تعليق حكم المظنون الذي نزّل منزلة الواقع على العلم بالواقع ، إذ مع