المولى ظاهرا وفق المظنون ، إذن فالمفهوم من قوله : ( الظنّ كالقطع ) هو التشبيه لا التنزيل ، والتشبيه من الممكن شموله لكلا قسمي الأثر بلا حاجة إلى الجمع بين اللحاظين أو الصراحة والكناية ، فيكون معنى قوله : ( الظن كالقطع ) هو أنّ الظن يشبه القطع ، أي أنّ من يظنّ بشيء فعليه ان يتعامل بنحو كأنّه قاطع به سواء بلحاظ الآثار الشرعيّة أو بلحاظ الآثار العقليّة ، وهذا لا بأس به ، ولا يهمّنا في ذلك الفرق الموجود بين الأثرين من أنّ الأثر الشرعيّ يرتّب مباشرة على الظنّ ، والأثر العقليّ يترتب في الواقع على العلم بالحكم الظاهري لا على الظنّ بالحكم الواقعي . وهذا نظير ما لو قال المولى لعبده : إن رزقت ولدا فاصنع ما يصنعه عبد فلان حينما يرزق ولدا . فإنّ هذا ليس تنزيلا بالمعنى المصطلح ، إذ ليس لهذا المولى حكم على ذاك العبد حينما يرزق ولدا حتى يسريه بالتنزيل إلى مورد كلامه ، وإنّما حكم ذاك العبد مرتبط بمولاه ، ولكنّه تشبيه وبيان لوجوب فعل ما يشبه فعل ذاك العبد على هذا العبد . وقد ظهر مما ذكرناه أنّ جعل الحكم المماثل بتنزيل المؤدّى منزلة الواقع غير معقول ، إذ ليس للواقع حكم مماثل يسري إلى المؤدّى وإنّما الواقع هو الحكم الذي يراد جعل مثله ، فيصحّ التشبيه لا التنزيل . هذا . وقد أشكل المحقّق الخراساني ( رحمه اللَّه ) على ما مضى - من تقريبه لعدم إمكان فهم كلا التنزيلين من دليل واحد للزوم الجمع بين اللحاظين - بوجهين في تعليقته على الرسائل : أحدهما إشكال على تقدير واحد ، والآخر إشكال على كل تقدير : أمّا الوجه الأوّل : فهو إشكال على تقدير بيان التنزيل بلسان الإخبار دون الإنشاء ، وتوضيح ذلك : أنّه لو فرض تحقّق كلا التنزيلين بإنشاء واحد وهو إنشاء جعل الظنّ كالقطع ، والإنشاء بنفسه موجد لمعناه من الجعل على مبنى المحقّق الخراساني ( رحمه اللَّه ) ، فهذا محال لاستلزامه الجمع بين اللحاظ