ثم إنّ إشكال استحالة الجمع بين الصراحة والكناية في المقام هو فرع تسليم إمكان الكناية هنا في نفسها ، بأن لا نشترط في باب الكناية كون المعنى الكنائي المقصود من لوازم المعنى المطابقي الاستعمالي كما في زيد كثير الرماد أو حكما لما هو من لوازمه كما في أكرم كثير الرماد ، أمّا لو اشترطنا ذلك فالكناية في المقام في ذاتها غير معقولة ، إذ ليس تنزيل المظنون منزلة المقطوع لازما لتنزيل الظنّ منزلة القطع ، ولا حكما لما يلزمه ، أمّا الأوّل فواضح لعدم أيّ ملازمة بين التنزيلين ، وأمّا الثاني فلأنّه إن كان المراد بالمظنون المظنون بالذات وهي الصورة الذهنية فهو - وإن كان ملازما للظنّ - لكنّه ليس هو الحكم المجعول من قبل الشارع كي يكون موضوعا لهذا التنزيل ، وإن كان المراد به المظنون بالعرض وهو الحكم الواقعي فلا تلازم بينه وبين الظنّ . والمحقّق الأصفهاني ( رحمه اللَّه ) رغم أنّه ذهب إلى اشتراط اللزوم في باب الكناية قال بإمكان الكناية في المقام ، وذلك بدعوى أنّ المراد بالمظنون هو المظنون بالذات ، ولكن لا بما هو بل بما هو فان في المظنون بالعرض ، فاللَّزوم ثابت ، لأنّ المظنون بالذات يلازم الظنّ وفي نفس الوقت لا يرى به إلَّا المظنون بالعرض على ما هو شأن الفناء ، وهو الحكم المجعول من قبل الشارع . ويرد عليه : أنّه إن نظرنا إلى ظننا نظرا فنائيّا قلنا بهذا النظر : إنّه لا تلازم