الأول : - ما جعله في أجود التقريرات مقدمة ثالثة لذاك البرهان . وهو أنّ تمام الموضوع لحكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية هو العلم الثابت في فرض التجرّي أيضا بلا دخل لفرض المصادفة للواقع في ذلك وإلَّا للزم سد باب حكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية نهائيا ، إذ مصادفة القطع للواقع غير محرزة فقد يصادف وقد لا يصادف . وأجاب المحقّق النّائيني ( رحمه اللَّه ) على ذلك بأنّ العلم وإن كان تمام الموضوع لحكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية ولكن الثابت في فرض التجري هو الجهل المركب وليس العلم . أقول : ليس الكلام في تفسير كلمة العلم وما هو المتفاهم منه عرفا كي يقال : إنّ الجهل المركب علم أولا ؟ وإنّما الكلام في أنّ أخذ المصادفة في موضوع حكم العقل معقول ، أو غير معقول لعدم إحراز المصادفة ؟ فلو تم القول بعدم معقوليته لزم كون الموضوع لحكم العقل هو الجامع بين العلم المطابق والجهل المركب سواء سمّي الجهل المركب علما أولا . والعمدة في ردّ هذا البرهان هي أنّ مصادفة القطع محرزة بنفس القطع ، فإنّ القاطع لا يحتمل خطأ قطعه ، وإنّما يطرء له هذا الاحتمال بالنسبة لقطع غيره ، وبالنّسبة لقطع نفسه أيضا في غير حالة قطعه . الثّاني - ما جعله في أجود التقريرات مقدّمة رابعة لذاك البرهان . وهو أنّ ما يوجب استحقاق العقاب هو القبح الفاعلي لا القبح الفعلي وهو موجود في فرض التجرّي . والدليل على كون ملاك استحقاق العقاب هو القبح الفاعلي لا الفعلي أنّه لو كان الملاك هو القبح الفعلي للزم ثبوت العقاب في موارد الجهل والشّكّ لأنّ القبح الفعلي للحرام لا يرتفع بالشّكّ والجهل . وأجاب المحقّق النّائيني ( رحمه اللَّه ) على ذلك بأنّ ملاك استحقاق