القول باستحقاق المتجري للعقاب لأنّ المفروض أنّ استحقاقه للعقاب ليس ذاتيا ، وإنّما هو بجعل الشارع . وجعل الشارع ليس بملاك التشفّي وإنّما هو بملاك التحريك باعتبار أنّ غالبية الناس لا يعبدون اللَّه بمجرد جعل الحكم ومن دون فرض خوف وطمع . فاللَّه تعالى خلق الجنة والنار ووضع الثواب والعقاب تتميما لتحريك العباد نحو الطاعة وترك المعصية . والمتجري إذا كان الحكم قد تنجّز عليه بالقطع لا بغيره من المنجّزات فلا فائدة بشأنه في جعل العقاب على المتجري إذ هو لا يحتمل كونه متجريا ويقطع بكونه عاصيا ، ولا مجال لجعل عقاب آخر على الجامع بين العصيان والتجري إذ يكفي عن هذا الجعل جعل ذاك العقاب على خصوص العاصي . ولا فرق بالنسبة للمولى بين هذا الجعل وجعل العقاب على الجامع - وبعد فرض عدم التشفّي في حقه - يختار المولى جعل العقاب على خصوص العاصي لأنّ جعله على الجامع يستلزم أنّ يشوي لحم هذا المتجري في نار جهنم بلا وجه . هذا مضافا إلى أنّه لا دليل إثباتا على استحقاق المتجري للعقاب بناء هذا المبنى . وعلى أيّ حال فقد ظهر أنّ الصحيح - على مبنانا من ذاتية الاستحقاق - هو استحقاق المتجري للعقاب . بلا حاجة إلى ما تشبّثوا به من الوجوه لإثبات ذلك مع بطلانها في نفسها وتلك الوجوه ما يلي : إنّ المحقّق النّائيني ( رحمه اللَّه ) نقل على ما في أجود التقريرات برهانا من السّيّد الشيرازي الكبير ( قدّس سرّه ) على استحقاق المتجري للعقاب مؤتلفا من مقدّمات أربع . ولكن الأوليين منها في الحقيقة غير مرتبطتين بما نحن فيه . وكل واحدة من الأخرتين لو تمت لكانت وجها مستقلا لإثبات المطلوب . وهناك وجه آخر نقل في الرسائل وغيره فهذه وجوه ثلاثة :