وهنا إشكال آخر يرد على المحقّق الخراساني ( رحمه اللَّه ) وهو أنّ برهانه الذي مضى لإثبات عدم قبح الفعل المتجرّى به ( من أنّه لم يرد شرب مقطوع الحرمة ) أخص من المدّعى إذ قد يتفق للشارب الشوق إلى شرب مقطوع الحرمة أيضا . الوجه الثّاني : ما جعله المحقّق الخراساني ( رحمه اللَّه ) وجها غالبيا وهو أنّ القاطع لا يلتفت غالبا إلَّا إلى الواقع الذي قطع به وأراده بعنوانه ، أمّا عنوان كونه مقطوع الحرمة فهو عنوان آليّ وغير ملتفت إليه غالبا فكيف يكون موجبا للقبح ؟ وأورد المحقّق النّائيني ( رحمه اللَّه ) على ذلك النقض بالقطع الموضوعي . فإنّ المحقّق الخراساني ( قدّس سرّه ) يعترف بأنّ القطع قد يقع موضوعا لحكم شرعي بينما لو كان القطع مما لا يلتفت إليه لما صحّ جعله موضوعا لحكم شرعي . لأنّ الحكم على ما لا يلتفت إليه لا يمكن وصوله فيلغو . ويرد عليه : أنّ المحقّق الخراساني لم ينكر عدم إمكانية الالتفات المستقل إلى القطع ، فهو يعترف بإمكانية الالتفات الاستقلالي إليه ولذا قيّد عدم الالتفات بقيد الغالب . ومقصوده ( رحمه اللَّه ) أنّ القاطع يكون همه وغرضه كامنا بحسب الغالب في المقطوع به وعندئذ لا يلتفت غالبا إلى قطعه بالاستقلال ، وإنّما يراه رؤية آليّة للوصول إلى المقطوع به . وأمّا إذا أخذ القطع موضوعا لحكم فلا إشكال في أنّه حينما يلتفت إلى ذلك الحكم يلتفت إلى قطعه بالاستقلال ، فإنّ هذا القطع ليس طريقا إلى ما يريد امتثاله من الحكم كي لا يراه إلَّا آليّا بل هو موضوع له فيلتفت إليه استقلالا . ويرد على المحقّق الخراساني ( رحمه اللَّه ) : أولا - إنّ الالتفات الإجمالي الآليّ كاف في اختيارية الفعل .