والجواب على ذلك ما حقّقناه في بحث الطلب والإرادة من أنّ اختيارية الفعل - بالمعنى الذي يكون موضوعا للأحكام العقلية من الحسن والقبح واستحقاق الثواب والعقاب وغير ذلك - ليس هو تعلَّق الإرادة بمعنى الشوق المؤكَّد بل هو السلطنة بمعنى أنّ له أن يفعل وله أن لا يفعل وهي متقوّمة بالقدرة والالتفات . فإذا حصلت القدرة والالتفات فقد تحقّق الاختيار وهما حاصلان في المقام . أمّا الإرادة فلا دخل لها في الاختيار . نعم لو سمّيت الإرادة اختيارا كمصطلح لا نناقش في ذلك فلا مشاحة في الاصطلاح . ولكن المهم أنّ مناط الأحكام العقليّة - كالحسن والقبح ، أو استحقاق المدح والذم - هو الاختيار المتقوّم بالقدرة والالتفات . أمّا الإرادة فهي أجنبية عنه على ما برهنّا عليه في بحث الطلب والإرادة . وقد أورد المحقّق الأصفهاني ( رحمه اللَّه ) نقضين على دخل إرادية الفعل في الاختيار وأجاب عليهما [1] : النقض الأوّل : - أنه لو شرب الخمر عالما لكن لا للشوق إلى شرب الخمر بل بقصد التبريد مثلا . فهنا لا إشكال في قبح فعله وكونه معاقبا على شرب الخمر وصدور ذلك منه اختيارا بينما لم يكن هو مريدا لهذا العنوان ومشتاقا إليه . وأجاب على ذلك بأنّ شرب الخمر أصبح مقدّمة للتبريد ومن اشتاق إلى شيء اشتاق بالتبع إلى مقدّمته ، فهو مريد لشرب الخمر . وما نحن فيه ليس من هذا القبيل فشوقه لم يكن متعلقا بشرب مقطوع الحرمة . النقض الثّاني : - أنّه لو اشتاق إلى الجامع بين الحرام وغير الحرام