وما ذكرناه واضح بناء على أنّ قبح المعصية - الثابت بنفس مولوية المولى كما هو الحق ، أو بقاعدة قبح الظلم كما هو مبنى القوم - أمر واقعي يدرك بالعقل العملي . أمّا لو قلنا بأنّ قبحها حكم عقلائي مجعول من قبل العقلاء تحفظا على النظام الاجتماعي ، ولا واقع لباب الحسن والقبح وراء جعل العقلاء التابع لما يرونه من مصالح ومفاسد . فالالتزام بثبوت هذا الحكم العقلائي قد يرد عليه ما مضى في مسألة الحرمة من إشكال عدم المحرّكيّة أي أنّ هذا الإشكال لو تمّ هناك تمّ هنا أيضا فيقال : إنّ المتجرّي الذي يعتقد كون عمله معصية وقبيحا عند العقلاء لو لم يردعه هذا القبح المعتقد لا يردعه قبح التجرّي المفروض جعله من قبل العقلاء . ومن هنا ظهر ما في كلام المحقّق الأصفهاني - رحمه اللَّه - حيث يرى في بحث الحرمة أنّ حرمة التجرّي لغو لعدم المحرّكية ، إذ من لم تردعه حرمة الفعل التي اعتقد بها خطأ لا تردعه حرمة التجرّي ومع ذلك التزم في المقام بقبح التجرّي رغم أنّه يرجع باب الحسن والقبح إلى المجعولات العقلائية . ودليله على إرجاع باب الحسن والقبح إلى المجعولات العقلائية و