وأجاب السّيّد الأستاذ على ذلك بوجهين : الأوّل - إنّه يمكن فرض عدم وصول حرمة الخمر الواقعي إلى المكلف أحيانا مع وصول حرمة معلوم الخمرية إليه . ويرد عليه : أوّلا - إن هذا الفرض غير رافع للإشكال ، إذ تبقى شبهة اجتماع المثلين في نظر من وصل إليه الحكمان ، إلَّا أن يلتزم بأن الحكم الثاني مخصوص بمن لم يصل إليه الحكم الأوّل ، فمن يكون عالما بحرمة شرب الخمر لم يحرم عليه شرب معلوم الخمريّة ، ومن يكون جاهلا بذلك فهو أسوأ حالا من العالم وذلك بحرمة شرب معلوم الخمريّة عليه ، وهذا غير محتمل . وثانيا - إنّ هذا الفرض غير ممكن ، إذ المفروض أن حرمة شرب معلوم الخمريّة ناشئة من القبح الناشئ من وصول الحكم الواقعي وتنجزه ، ومع عدم وصول الحكم الواقعي وتنجزه لا يقبح شرب معلوم الخمريّة وبالتالي لا تثبت الحرمة . الثّاني - إنه لا مانع من تعدد الحكم على نحو العموم المطلق كما وقع ذلك في مثل تعلق النذر بالصلاة الواجبة . ويرد عليه : أن هذا التشبيه في غير محلَّه ، إذ الموجود في هذا المثال حكمان : أحدهما وجوب الصلاة ، والثّاني وجوب الوفاء بالنذر ، والنّسبة بينهما عموم من وجه فإن الصلاة قد تكون منذورة وقد لا تكون منذورة ، كما أن المنذور قد يكون هو الصلاة وقد يكون غيرها . فهذان الجوابان لا يمكن المساعدة عليهما . نعم في أصل استحالة اجتماع حكمين متماثلين كلام . والتحقيق : أنه حتى مع الالتزام باستحالة ذلك لا يتمّ ما أفاده المحقّق النّائيني - رحمه اللَّه - في الفرض الثالث ، لا لما ذكره السّيّد الأستاذ من الجوابين ، بل لأنّ النّسبة بين الخمر الواقعي ومعلوم الخمريّة عموم من وجه حتى في نظر المكلَّف ، فإنه يعلم أنه ربما يكون شيء معلوم الخمرية ولو عند غير هذا الشّخص ولا يكون في الواقع خمرا غاية الأمر أنه يتخيل أن تمام