إشكاله استحالة الوصول إلى المكلَّف ، وهذا الإشكال لا يأتي على الفرض الأوّل ، إذ الحكم فيه كان متعلقا بالجامع بين الواقع والفعل المتجرّى به وهو واصل إلى المكلف ، وهذا بخلاف الفرض الثّاني الذي يكون الحكم فيه خاصا بالفعل المتجرّى به ولا يلتفت المكلف إلى ذلك ، وإلَّا خرج عن عنوان التجرّي ، فلا يصل إليه الخطاب أبدا . والجواب : إنه يكفي وصوله إلى المكلف بطرفيّته للعلم الإجمالي في فرض عدم العلم بالواقع ، توضيح ذلك : إن التجرّي - كما مضى - لا يختص بفرض العلم بالواقع ، بل يثبت في مطلق موارد تنجز الواقع ولو بغير العلم ، والمحقّق النّائيني - رحمه اللَّه - معترف بذلك ، وعليه نقول : لو تنجّز الواقع بغير العلم وفرضنا حرمة الفعل المتجرّى به ، حصل للمكلف العلم الإجمالي بحرمة هذا الفعل إما بعنوانه الأوّلي أو بعنوان كونه متجرّى به ، وهذا المقدار من الوصول كاف في رفع الإشكال . نعم لو صيغ الإشكال بصياغة أن هذا الحكم ليس قابلا لتحريك لمسبوقيّته دائما في نظر المكلف بمحرّك آخر فيلغو ، لم يتمّ الجواب عليه بما ذكرناه ، لكن هذا الإشكال لا يختص بهذا الفرض بل هو مشترك الورود بين الفروض الثّلاثة . الفرض الثّالث - فرض حرمة المعلوم إضافة إلى حرمة الواقع ، وكان إشكاله لزوم اجتماع المثلين ، وتوضيح ذلك : أنه لو وجد حكمان ليست لكل منهما جهة افتراق ، كما لو تساويا أو كان بينهما عموم مطلق ، فإما أن يفرض التأكَّد في تمام موارد الاجتماع ، وهذا عين اتحاد الحكم وعدم تعدّده ، أو لا يفرض التأكَّد وهذا يعني اجتماع المثلين وهو محال ، أما لو كان بينهما عموم من وجه فيلتزم في مادة الاجتماع بالتأكَّد ، وتكفي في تعدد الحكم موارد الافتراق من الجانبين ، والنّسبة بين الحكمين فيما نحن فيه في نظر القاطع عموم مطلق .