المتجرّى به : أنّ المقصود هناك كان عبارة عن فرض الخطاب الأوّلي متعلقا بالمعلوم لا بالواقع ، فالخمر الواقعي الَّذي لم يعلم به ليس حراما ، وإنّما الحرام ما علم كونه خمرا ، بينما المقصود هنا فرض الخطاب الأوّلي شاملا للواقع وللفعل المتجرّى به . وكان إشكال المحقّق النّائيني - رحمه اللَّه - على ذلك : أنه يلزم أخذ المتأخر والمتقدم في عرض واحد . وجوابه : أننا لو ناقشنا في أصل تصوير جامع بين الواقع والفعل المتجرّى به كان هذا إشكالا آخر لا يعود إلى لزوم أخذ المتأخر في عرض المتقدم بصلة ، أما إذا سلَّمنا بوجود الجامع بينهما ففرض تعلق الخطاب بالجامع لا يرد عليه إشكال أخذ المتأخّر في عرض المتقدّم ، لأن هذا الخطاب منحلّ إلى جعلين عرضيّين أحدهما : جعل تحريم الخمر الواقعي ، والثّاني : جعل تحريم الفعل المتجرّى به ، وليس الجعلان طوليين ، غاية ما هناك أن الجعل الأوّل يحقق موضوع الجعل الثّاني . وإذا أردنا أن نتكلم جريا على لغة الأصحاب من الجعل والفعلية قلنا : إن ما في طول حرمة شرب الخمر الواقعي إنّما هو فعلية حرمة الفعل المتجرّى به لا نفس جعل الحرمة ، لأنه أخذ في موضوع حرمة الفعل المتجرّى به وصول حرمة الخمر الواقعي ، وفعلية الحكم تكون في طول تحقق موضوعه ، أما الجعل فليس متأخرا عن الموضوع ، لعدم توقفه على وجود الموضوع خارجا ، وإنما هو بحاجة إلى فرض وجود الموضوع ، وفرض المتأخر ليس متأخرا ، واللَّذان جمع بينهما في المقام في عرض واحد إنما هما الجعلان وهما ليسا طوليين ، واللَّذان هما طوليان لم يجمع بينهما في عرض واحد . ولا يقاس المقام بمسألة أخذ العلم بالحكم في موضوع الحكم ، أو أخذ عنوان الامتثال فيه ، فإنّ الإشكال المدّعى فيهما هو لزوم أخذ ما هو متأخر عن الحكم في الحكم ، بينما الإشكال المدّعى فيما نحن فيه هو لزوم أخذ أمرين طوليّين في عرض واحد ، وقد عرفت جوابه . الفرض الثّاني - فرض حرمة الفعل المتجرّى به بالخصوص ، وكان