الحكم الواقعي ، والمفروض في المقام أن المكلف قاطع بعدم وجود حكم واقعي يناسب تنجيزه بهذا الرّدع ، فلا يبقى أثر لهذا الحكم الطريقي ، وتوضيح ذلك : أن الرّدع عن حجّيّة القطع بحكم طريقي لا يخلو عن أحد فروض ثلاثة : الأوّل - أن يفرض أن قطع المكلف قد تعلَّق بالإباحة ، وأن المولى أراد ردعه عن حجّيّة القطع بإلزامه بفعل ما قطع بعدم وجوبه ، أو ترك ما قطع بعدم حرمته ، وذلك بملاك أن العبد يخطأ في بعض الأحيان في قطعه بالإباحة وعدم الإلزام ، فحفاظا على ملاك الواقع الكامن في موارد خطأ العبد حكم بعدم حجّيّة قطعه بنفي الإلزام حكما طريقيا . ويرد عليه : أن هذا الحكم الطريقي لا أثر له ، إذ إنه لا يقبل التّنجيز لكونه طريقيا ، ولا يؤثر في تنجيز الواقع لأن المكلف قاطع بعدمه . فتبين أن الرّدع عن معذّرية القطع غير معقول بخلاف الرّدع عن معذّرية الشّكّ ، فالرّدع عن معذّرية الشّكّ يكون بإيجاب الاحتياط إيجابا طريقيا ، أما الرّدع عن معذّرية القطع لا يمكن أن يكون بحكم نفسي ولا بحكم طريقي ، أما الأوّل فلأنه يؤدي إلى التضاد بين المبادئ ، وأما الثاني فلما قلنا من أن هذا الحكم الطريقي لا يقبل التّنجيز لكونه طريقيا ، ولا يؤثر في تنجيز الواقع لفرض القطع بعدمه . الثّاني - أن يفرض أن قطع المكلف تعلَّق بالإلزام ، وأن المولى أراد إسقاط حجّيّة القطع بحكم طريقي لعلمه بأن العبد قد يخطأ في قطعه ، فيحصل له القطع بالإلزام في مورد لا يوجد فيه الإلزام ، ويفترض أن في التزام العبد بما تخيّله في موارد الخطأ من الإلزام مفسدة أكبر من المصلحة الكامنة في موارد عدم الخطأ ، وهي مفسدة بروز الشّريعة على شكل شريعة صعبة وغير سمحاء مثلا ، فحذرا من هذه المفسدة الواقعية حكم المولى حكما طريقيّا بالرّدع عن حجّيّة قطع العبد بالإلزام .