يقال : إنّ هناك أوامر غير دخيلة في النّظم الاجتماعيّ ، بل المقصود به : أنّ العقلاء رأوا أنّ في نفس التزامهم بأوامر رئيسهم مصلحة اجتماعية ، ولو قطعوا في بعض أوامر الرّئيس بأنه أخطأ - مثلا - في إصدار هذا الأمر وأنّ متعلَّقه لم يكن ذا مصلحة اجتماعية ، فالمصلحة الاجتماعيّة في نظر العقلاء إنّما هي في نفس التّقيّد بأوامر الرّئيس . والصّحيح : أنّ استنتاج حجّيّة القطع من قاعدة حسن العدل وقبح الظَّلم في غير محلَّه ، سواء فسرّت القاعدة بالمبنى الأوّل أو بالمبنى الثاني ، بيان ذلك [ 1 ] : أنّ الظَّلم عبارة عن سلب ذي الحقّ حقّه ، والعدل عبارة عن إعطائه إيّاه وعدم سلبه عنه ، فلا بدّ أن يفترض في المرتبة السّابقة حقّ كي يقال : إنّ سلبه ظلم ، وهذا الحقّ هنا عبارة عن حقّ المولويّة فلو لم نفترض الآمر مولى لم يكن القطع منجّزا أو معذّرا كما هو واضح . فإن كان المقصود من الاستدلال على حجّيّة القطع بقبح الظَّلم وحسن العدل إثبات مولويّة المولى بذلك ، كان هذا دورا واضحا ، فإنّ كون العمل بالقطع عدلا ومخالفته ظلما فرع مولويّة المولى ، فلا يمكن إثبات مولويته بذلك ، وإن كان المقصود إثبات حجّيّة القطع بأمر المولى بعد فرض مولويّته في المرتبة السّابقة ، ورد عليه : أنّه بعد فرض مولويّة المولى فيما نقطع به من أحكامه تثبت الحجّيّة للقطع بلا حاجة إلى قاعدة حسن العدل وقبح الظَّلم الَّتي يكون جريانها في طول المولويّة ، فإنّ مولويّة المولى تعني لزوم إطاعة أمره وقد قطعنا بتحقّق الأمر حسب الفرض .