للعقل ، فالعقل هو الَّذي يحكم على الإنسان بوجوب العدل وينهاه عن الظَّلم ، وعليه فحجّيّة القطع - أيضا - من هذا القبيل . ولكن من الواضح أنّ العقل وظيفته الإدراك لا الحكم . وقد أورد السّيد الأستاذ على المبنى الثاني بإيرادين انتصارا للمبنى الأول : الأوّل - إن حجّيّة القطع لو كانت من مجعولات العقلاء لنظامهم الاجتماعيّ ، لما كان حجّة للفرد الأوّل من البشر ، بينما القطع كان حجّة له أيضا . والثّاني - إنّها لو كانت من مجعولاتهم للنّظام الاجتماعيّ ، لم يكن حجّة بالنّسبة للأوامر غير الدّخيلة في وضعهم الاجتماعيّ الثابتة تعبّدا بالشّرع ، فما ذا يقال في تلك الأوامر ؟ . ويرد على الأوّل : أنّه إن أراد بحجّيّة القطع لآدم ( عليه السّلام ) حجّيّته بمعنى أنّه لو رأى مائعا وقطع بكونه ماء - مثلا - لرتّب على قطعه الأثر بشر به عندما يعطش ، فهذا مسلَّم وثابت في الحيوانات - أيضا - لكن هذه هي حجّيّة القطع بالمعنى المنطقيّ . وإن أراد بالحجّيّة معنى التّنجيز والتّعذير ، قلنا : لا سبيل لمعرفة حجّيّة القطع لآدم ( عليه السّلام ) إلَّا أحد أمرين : الأوّل - التّجربة بأن نظفر بإنسان عاش وحيدا وفي غير مجتمع عقلائيّ ورأيناه يعتقد بحجّيّة القطع لنفسه . وهذه التّجربة لم تحصل . والثّاني - دعوى أنّ العقل قد أدرك حجّيّة القطع على الإطلاق ، بلا فرق بين فرض وجود مجتمع عقلائيّ وعدمه وهذا يعني المصادرة على المطلوب . ويرد على الثّاني : أنّ المقصود بكون القطع حجّة ببناء العقلاء حفظا للنّظام الاجتماعي ليس هو دخل متعلَّق الأمر في نظمهم ، كي