لو علم المجتهد بنجاسة الماء المتغيّر بملاقاة النّجس كان ذلك حجّة في حقّ العاميّ ، فقد تمّ له العلم اعتبارا بالنّجاسة ، فيثبت بشأنه الاستصحاب عند زوال التّغير ، فيفتيه المجتهد بعد زوال التغيّر بالنّجاسة استصحابا . وأمّا بالنّسبة للفحص : ففحص المجتهد عن المعارض لما دلّ على وجوب صلاة الجمعة مثلا - والَّذي أدّى إلى إفتائه بوجوب صلاة الجمعة لعدم وجدانه للمعارض - يفيد العاميّ ، بأن يقال : إن فحص كلّ شخص بحسبه ، ففحص المجتهد يكون بالتتبّع في كتب الأخبار ، وفحص العاميّ يكون باطلاعه على إفتاء مجتهده بما كان من نتيجة فحص المجتهد ، ففحص العامي عن عدم المعارض عبارة عن فحصه عن إخبار المجتهد بعدم المعارض . وقد ظهر بما ذكرناه : أنّ نفس وجود فتوى المجتهد في المسألة السّابقة يكفي في صحّة فتواه في المسألة اللاحقة بالنّسبة لغير جهة الفحص ، وأمّا بالنسبة للفحص فلا بدّ له أن يقصد في إفتائه للعامي : أنّ هذا هو حكمك الظَّاهري لو اطَّلعت على استنباطي . وهذه الفتوى ما لم تصل إلى العامي لا أثر لها ، وبمجرّد وصولها إليه يتمّ في حقّه موضوع الحكم الظَّاهريّ ، لتحقّق الفحص ، إذ ليس عليه فحص أكثر من ذلك . وهذا المسلك يتّحد مع مسلك التّنزيل في الثّمرة الثّانية الَّتي مضى بيانها : من عدم جواز الإفتاء للمجتهد إلَّا بإحراز جواز تقليده للعامي ، لأنّ ثبوت الحكم للعامي على هذا المسلك - أيضا - كان فرعا لجواز التقليد . ويمتاز هذا المسلك على مسلك التّنزيل بلحاظ الثّمرة الأولى ، وهي سقوط أهمّ أدلَّة التقليد - أعني سيرة العقلاء - فإنّ السيرة لا تسقط - على هذا المسلك - لأنّنا لم نحتج في التّقليد إلى مئونة زائدة ، كتنزيل حالة المجتهد منزلة ثبوتها للعامي ، كي يقال بعدم قيام السّيرة عليها . ويمتاز مسلك التّنزيل على هذا المسلك بموافقة نتيجته لما هو المركوز في