الذين كثر عنهم الردع عن ذلك ، كقولهم : دين اللَّه لا يصاب بالعقول ، كما أنه يكفي في عدم حجيتها بغض النظر عن العمومات والإطلاقات الرادعة عن العمل بالظن مجرد أصالة عدم الحجية . وبعد هذا تطور النزاع إلى نزاع آخر بين الشيعة أنفسهم في مدى إمكانية الاعتماد في استنباط الحكم الشرعي على دليل عقلي مورث للقطع ، وليس المقصود بإدراك العقل الذي وقع الخلاف في الاعتماد عليه في استنباط حكم الشرع الإدراكات العقلانية بالقوة الخاصة من قوى النفس المسماة بالقوة العقلية عند الفلاسفة ، وإنما المقصود هو الإدراك المقرون بالجزم سواء كان حصيلة تلك المرتبة الخاصة أو حصيلة سائر المراتب والقوى الموجودة في النفس . كما وينبغي الإشارة إلى أن المقصود هو الإدراك العقلي الذي هو في عرض الكتاب والسنة ، فإن الكلام إنما هو في استنباط الحكم من العقل على حدّ استنباطه من الكتاب والسنة ، وليس الكلام في الحكم العقلي الذي هو في الرتبة السابقة على الكتاب والسنة ، والذي به يثبت وجود الكتاب والسنة أو حجيتهما ، ولا في الحكم العقلي في المرتبة المتأخرة عن حكم الشرع ، كحكمه بحسن الإطاعة وقبح المعصية ، فكل هذا خارج عن محل النزاع . نعم لو أريد إثبات وجوب الإطاعة وحرمة المعصية شرعا عن طريق حكم العقل بحسن الإطاعة وقبح المعصية بناء على قاعدة الملازمة فهذا داخل في محل النزاع . والخلاصة : أن الأخباريين يدّعون أن العقل ليس دليلا على الأحكام الشرعية في قبال الكتاب والسنة . المقدمة الثانية - في أقسام أو طرق استنباط الحكم الشرعي من العقل : فقد يقسّم العقل إلى النظري والعملي ، ويقال في الفرق بينهما : أن