ما حقّقناه من كون ذلك بما لها من الكشف فلا مجال لشبهة الفرق وعدم قيام الأصول مقام القطع الطريقي ، فهي تقوم مقامه بعين ملاك قيام الأمارات مقامه بلا إشكال . هذا تمام الكلام في ما هو الممكن من ألسنة الحجّيّة . وقد عرفت أنّ جميع هذه الألسنة ممكنة . لسان جعل الحجّيّة إثباتا البحث الثاني : فيما هو الواقع من تلك الألسنة بعد أن عرفت ثبوتا أنّ جعل الحجّيّة كما يمكن بجعل الحكم التكليفيّ ، كذلك يمكن بجعل الطريقيّة ، أو المنجزيّة ، أو بجعل نفس الحجّيّة ، أو نحو ذلك . فنقول : أمّا بالنسبة للأصول فنذكر هنا إجمالا : أنّ المتعيّن فيها هو الحكم التكليفي إن لم نقل : إنّ ما ورد فيها ليس إلَّا إرشادا إلى أهمّيّة الحكم بنحو لا يرضى المولى بتركه عند الشكّ على فرض وجوده . وتفصيل الكلام في ذلك يأتي في محلَّه - إنشاء اللَّه - . وأمّا بالنسبة للأمارات فالمحقّق النّائيني ( رحمه اللَّه ) ذهب إلى أنّ المتعيّن فيها بحسب مقام الإثبات هو جعل الطريقيّة ، وتبعه على ذلك السّيّد الأستاذ وغيره . وما استدلّ به ( قدّس سرّه ) على ذلك يرجع في الحقيقة إلى مقدّمات ثلاث : الأولى : أنّ جعل الحجّيّة لا يعقل ثبوتا إلَّا بأحد وجهين : جعل الحكم التكليفي ، وجعل الطريقيّة . على ما حقّقه ( قدّس سرّه ) في ما مضى من البحث الأوّل . الثانية : أنّ عمدة الدليل على حجّيّة أمارات الأحكام - أعني خبر الواحد والظهور - هي السيرة العقلائية ، إذ ما عداها مما استدل به على حجّيّة خبر الواحد إن تمّ فإنّما هو مسوق مساق الإمضاء لطريقة العقلاء ،