والقطع ضدّان لا يجتمعان . ولو علَّق على شيء آخر لم تتحقّق المماثلة بين الحكم الواقعيّ والحكم الثابت بالتنزيل . فقد تحصّل إنّه بعد فرض هذه الغفلة لا تصحّ أيضا الطوليّة المذكورة في التعليقة ، ولا لزوم العرضيّة المذكور في الكفاية . بل يمكن العرضيّة ويمكن الطوليّة بعكس الطوليّة المذكورة في التعليقة . هذا تمام الكلام في هذا المقام بعد فرض البناء على مبنى المحقّق الخراساني ( رحمه اللَّه ) من أنّ التنجيز والتعذير في الأمارات لا يمكن إلَّا بجعل حكم تكليفي ، بعد ضمّ ذلك إلى دعوى أنّ لسان دليل حجّيّة الأمارات هو تنزيل الظنّ منزلة القطع . ولا بدّ لنا من البحث في كلا هذين الأمرين . فيقع البحث : أوّلا : فيما هو الممكن في باب الأمارات والأصول من العمليّة التي تترتّب عليها تنجّز الواقع والعذر عنه . وثانيا : فيما هو الواقع من تلك الألسنة الممكنة . وبعد ذلك نبحث - إنشاء اللَّه - عن أنّ ما هو الواقع من تلك الألسنة هل يتكفّل قيام الأمارة أو الأصل مقام القطع بكلا قسميه ( الطريقيّ والموضوعيّ المأخوذ على وجه الكاشفيّة ) أولا ؟ فهنا أبحاث ثلاثة : الألسنة الممكنة لجعل الحجّيّة ثبوتا البحث الأوّل : فيما هو الممكن من ألسنة الحجّيّة المترتّب عليه التنجيز والتعذير . وقد اشتهر أنّ ذلك لا يمكن إلَّا بجعل حكم تكليفيّ ، وغاية ما يمكن أن يقال في وجه ذلك : أنّ آثار القطع من الكاشفيّة والتنجيز والتعذير بعضها تكوينيّ وهو الأوّل ، وبعضها عقليّ وهو الأخيران ، والشارع لا يمكنه أن يوجد بالتشريع الأمر التكوينيّ أو الأمر العقليّ .