الصورة الثّانية : هي ما كان مورد بحثنا في المقام ، وهو تنزيل المظنون منزلة الواقع وتنزيل شيء آخر منزلة القطع بالواقع . ولا إشكال هنا في أنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع ظاهريّ ، لكون موضوعه الشكّ وقابليّة كونه بنحو يكون بداعي التحفّظ على الواقع ، فيجتمع مع الواقع . كما أنّه لا ينبغي الشكّ في أنّ التنزيل الآخر تنزيل واقعي ، إذ إنّ عدم القطع بالواقع معلوم ولا شكّ في ذلك حتى يجعل حكم ظاهريّ بداعي التحفّظ على الواقع . وعليه نقول : إنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع الذي هو تنزيل ظاهريّ يجب أن يكون في طول التنزيل الآخر ، لما مضى من أنّ التنزيل الظاهريّ يكون بمعنى جعل حكم ظاهرا مماثل للواقع ، والتنزيل الواقعيّ مربوط بتحديد حدود المماثل - بالفتح - وهو مقدّم على المماثل - بالكسر - . ومن هنا يجب أن يكون ما نزّل منزلة القطع بالواقع الحقيقيّ غير القطع بالواقع الجعليّ ، بناء على أنّ القطع بالحكم لا يمكن أن يكون موضوعا لنفس ذلك الحكم . وعلى أيّ حال فقد اتضح بما ذكرناه أنّ الطوليّة المذكورة في التعليقة على الرسائل غير معقولة ، كما أنّ لزوم العرضيّة المذكورة في الكفاية غير صحيح . وإنّما الذي ينتج في المقام هو الطوليّة على عكس الطوليّة المذكورة في التعليقة ، أي أنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع هو الذي يكون في طول التنزيل الآخر ، لا العكس . نعم لو غفلنا عن اختلاف التنزيلين سنخا في المقام وتخيّلنا أنهما معا ظاهريّان فالنتيجة بناء على هذا هو إمكان العرضيّة وإمكان الطوليّة أيضا ، بأن يكون تنزيل المظنون منزلة الواقع في طول التنزيل الآخر ، أمّا العكس فغير ممكن ، إذ لو علَّق الحكم الثابت بالتنزيل للمظنون على القطع بالواقع استحال وصوله إلَّا بفرض اجتماع الضدّين ، إذ الظنّ